أكثر من 350 إصابة بينها 120 قتيلاً هي حصيلة تفجير انتحاري هائل، تبناه تنظيم «داعش»، طاول حي الكرادة التجاري المكتظ وسط بغداد، بعد منتصف ليل السبت - الأحد، في أكبر مجزرة تشهدها العاصمة العراقية منذ سنة. وتوعّد رئيس الوزراء حيدر العبادي «المجرمين بالرد»، فيما أعلن البيت الأبيض أن التفجير سيزيد عزيمة واشنطن لدعم العراق في مواجهة الإرهاب. وبدا أن التنظيم هاجم حي الكرادة رداً على هزيمته في الفلوجة. وحذّر مسؤولون وقادة في الجيش العراقي من اتباع التنظيم استراتيجية استنزاف طويلة الأمد، بعد انسحابه من معظم المواجهات التي خاضها، وعاد إلى أساليبه القديمة عبر هجمات انتحارية تستهدف تجمّعات المدنيين. وطغت أمس، أجواء الغضب في حي الكرادة الذي يعد من أكثر شوارع بغداد اكتظاظاً، خصوصاً عشية عيد الفطر. وعبّر عشرات الشبان الذين تجمّعوا في الشارع صباحاً عن غضبهم برشق العبادي بالحجارة خلال تفقّده المكان. وانتشرت ألسنة اللهب في مبانٍ ومجمَّع تجاري في منطقة التفجير الذي نجم وفق مصادر أمنية، عن صهريج مفخخ، فيما لفت خبراء الدفاع المدني إلى أن محلات العطور والملابس سهّلت تمدُّد الحرائق. ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي بيانات منسوبة إلى تنظيم «داعش» يتبنّى فيها العملية، ويؤكد أن منفّذها هو «أبو مها العراقي»، مشيراً إلى أن الهجوم استهدف تجمُّعاً للميليشيات الشيعية في بغداد، ومتوعّداً بالمزيد. وعلى رغم أن العبادي والقادة الأمنيين اعتبروا التفجير رداً «يائساً» من «داعش» على هزائمه الأخيرة في الفلوجة، فإن معلومات استخباراتية حذّرت من تحوُّل التنظيم إلى استراتيجية استنزاف القوى الأمنية في المدن، بعد انسحاباته المتكررة من المناطق التي احتلها عام 2014. وأكدت هذه المصادر أن أكبر الخسائر التي مُني بها التنظيم دفعة واحدة، منذ العام 2014، كانت تدمير رتل من مئات العربات حاولت مغادرة الفلوجة عبر الصحراء للوصول إلى الحدود السورية. فالتنظيم لم يتعرّض لمثل هذه الخسارة في صلاح الدين ولا في الرمادي، لأنه اختار الدفاع عن المدن بفرق صغيرة ومجموعات من الانتحاريين والقناصة، وسحب الجزء الأكبر من عناصره وقادته من مواقع المواجهات. وتابعت أن هذه المعطيات تشير إلى أن تحرير الموصل، بالطريقة ذاتها التي اتُّبِعت في الفلوجة متاح، لكنه يؤسس لمرحلة من الهجمات على القوات الأمنية في المدن التي حُرِّرت، واستنزاف بغداد ومدن الجنوب التي شهدت طوال الشهور الماضية تراجعاً في الهجمات. وعلى رغم أن العبادي نجح أخيراً في تكريس صورته كقائد لتحرير الفلوجة، فإن هجمات مماثلة قد تبدّد هذه الصورة، خصوصاً إذا تواصل الغضب الشعبي ولجأت قوى سياسية إلى استغلال ذلك. ونقل موقع «بي بي سي» عن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، بعدما شن هجوماً على الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، قوله إنه «لا يمانع في العودة إلى رئاسة الحكومة» إذا تحقَّقَ توافق عليه.