تنتظر الساحة الحزبية في إسرائيل ما سينطق به صباح اليوم زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان في المؤتمر الصحافي الذي يعقده ليعقب على عدم تجاوب رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو مع مطالبه ووزراء حزبه الأربعة الآخرين منح وزاراتهم موازنات إضافية في إطار الموازنة العامة للعامين المقبلين التي أقرتها الحكومة صباح الجمعة الماضي. وتحدثت وسائل الإعلام العبرية في عناوينها الرئيسة أمس عن توتر متجدد في العلاقات بين ليبرمان ونتانياهو على خلفية إقرار الموازنة، لكن المحللين في الشؤون الحزبية استبعدوا أن يقدم ليبرمان «في هذه المرحلة» على سحب حزبه من الحكومة، وإن أجمعوا على أنه سيختار الوقت المريح ليفعل ذلك لكن ليس قبل أن يضمن مكسباً انتخابياً، تماماً كما فعل عندما انسحب من حكومتي آرييل شارون وايهود اولمرت. وسارع نتانياهو خلال نهاية الأسبوع إلى إخماد النار التي أشعلها عمداً وزراء «إسرائيل بيتنا» بتصريحات انتقدت سلوكه واتهمته بتفضيله حزب «العمل» على حزبهم، فأجرى اتصالاً هاتفياً مع ليبرمان الذي يقوم بجولة خارج إسرائيل، واتفق معه على الاجتماع اليوم. وأوضح مكتب نتانياهو أن مطالب وزراء «إسرائيل بيتنا» مبالغ فيها، لكنه نقل عن رئيس الحكومة يقينه بأن المشكلة مع ليبرمان ستجد حلاً لها. وكان وزراء «إسرائيل بيتنا» صوتوا ضد مشروع الموازنة بداعي ان وزير المال يوفال شتاينتس المقرب من نتانياهو، رفض مطالب وزراء «إسرائيل بيتنا» الحصول على موازنات إضافية تصل إلى 450 مليون دولار، لكن ذلك لم يحل دون إقرار الموازنة بغالبية الأصوات، ليهدد نواب الحزب ال 15 بالتصويت ضد مشروع الموازنة عندما يطرح على الهيئة العامة للكنيست في دورتها الشتوية بعد أربعة أشهر. وبرأي مراقبين، فإن ليبرمان المعروف بسيطرته المطلقة على الحزب ونوابه، أعطى الضوء الأخضر لوزرائه لإطلاق تصريحات ضد نتانياهو. وكان وزير السياحة مساس مسيغنكوف أشد وزراء «إسرائيل بيتنا» انتقاداً لنتانياهو حين اتهمه خلال اجتماع الحكومة المطول الذي بحث مشروع الموازنة وتخللته شتائم، ب «الخيانة»، مضيفاً في تصريحاته لوسائل الإعلام أن نتانياهو يضع «إسرائيل بيتنا» في أدنى سلم أولوياته «على رغم أننا الحزب الأكثر وفاءً له». ووصف مراسل الشؤون الحزبية في الإذاعة العامة العلاقات بين رئيس الحكومة ووزير خارجيته في الأشهر الأخيرة ب «أزمة ثقة متدحرجة»، ونقل عن أوساط في الساحة الحزبية قولها إن ليبرمان أبقى لنفسه اختيار الوقت المناسب للانسحاب من الحكومة، وأنه يتحين الفرصة الملائمة «ليغلّف الانسحاب بتبرير ايديولوجي أو اجتماعي». وأضاف أن ليبرمان كان يعلم أن الحكومة لن تتجاوب مع مطلبه ومطلب وزراء حزبه لموازنات ضخمة، لكنه تعمّد تضخيم الأرقام لتبدأ محادثات مع رئيس الحكومة تمتد أشهراً بغرض أن تبقى مسألة الموازنة قيد النقاش لعلمه أنه من خلالها أو من خلال معارضة تقدم في المحادثات مع الفلسطينيين، يمكن أن يقتنع الجمهور الإسرائيلي بصدقية دوافعه. وأشار المعلق المعروف حنان كريستال إلى أن ليبرمان هو من يسعى دائماً إلى اختلاق المشاكل والأزمات مع نتانياهو، لكنه يحرص دائماً على أن يكون الخلاف «تكتيكياً ومحدوداً»، منتظراً فرصة تحويله إلى أيديولوجي لتبرير انسحابه من الحكومة. وأشارت تعليقات الصحف إلى أن ليبرمان غاضب من نتانياهو بداعي أن الأخير يتجاهل مطالبه ومطالب حزبه في مسائل كثيرة كان الحزب وعد جمهور ناخبيه بتنفيذها، مثل عدم حصر إجراءات اعتناق اليهودية بيد مجلس الحاخامات، ما من شأنه أن يتيح لعشرات آلاف المهاجرين من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً الذين يرون في حزب «إسرائيل بيتنا» وزعيمه ممثلين لهم، اعتناق اليهودية وتجاوز القيود المتشددة التي يضعها الحاخامات. كما يعارض نتانياهو اختيار وزير الخارجية للسفير ميرون روبين ليكون سفيراً لإسرائيل في الأممالمتحدة، ويطالب بأن يكون السفير من ديبلوماسيي الصف الاول نظراً لأهمية الدور الذي يلعبه في الهيئة الدولية. وذكّر معلقون بالخلاف الذي نشب مطلع هذا الشهر بين نتايناهو وليبرمان حين تبين للأخير أن الأول لم يطلعه على الاجتماع السري الذي تم في بروكسيل بين موفد نتانياهو وزير الصناعة والتجارة بنيامين بن اليعيزر ووزير الخارجية التركي احمد داود أوغلو. ويتهم ليبرمان رئيس حكومته بتفضيل حزب «العمل» بزعامة وزير الدفاع ايهود باراك وحزب «شاس» الديني بزعامة وزير الداخلية ايلي يشاي، على حزبه الذي يعتبر ثاني أكبر حزب في الائتلاف الحكومي. ولعل أكثر ما يخشاه ليبرمان هو أن تتكلل بالنجاح جهود باراك بإقناع نتانياهو بضم حزب «كديما» المعارض بزعامة تسيبي ليفني إلى الحكومة، ويرى في موافقة نتانياهو صفعة له ولحزبه، وعملياً استغناء عنهما في ائتلافه الحكومي. ولم يستبعد القطب في «كديما» مئير شيتريت انضمام الحزب إلى حكومة نتانياهو «شرط تغيير تركيبتها، وأن تسير نحو السلام». وقال للإذاعة العبرية إن تجاوب نتانياهو مع هذين الشرطين، إضافة إلى تغيير طريقة الانتخابات، «سيتيح تشكيل حكومة من الأحزاب الثلاثة، ليكود وكديما والعمل (68 نائباً من مجموع 120)، قادرة على الذهاب بعيداً في عملية السلام وإخراج إسرائيل من عزلتها الدولية». وأضاف للإذاعة العبرية أن حل الصراع سيتحقق فقط عبر انسحاب إسرائيل إلى حدود عام 1967 مع تغييرات حدودية طفيفة.