ودع الرعايا السعوديون إسطنبول بتنفس الصعداء، مع إقلاع طائرتهم من مطار أتاتورك، وكانت مشاعر الصدمة والذهول تخيم عليهم جراء الانفجار الإرهابي الضخم، الذي أوقع نحو 40 قتيلاً، كان بينهم 3 مواطنين سعوديين. وعلى رغم هول الصدمة من الانفجار فإن سفارة خادم الحرمين والخطوط الجوية السعودية كان لهما الأثر الكبير في نفوس المسافرين، من خلال التواصل المباشر والمستمر معهم، إلا أن الليلة الدموية كان لها تأثير كبير غطى على سحر وجمال إسطنبول. يقصد السعوديون تركيا للسياحة والاستجمام، إلا أنهم يغادرونها هذه المرة بألم لا ينسى، على رغم أن مسافري رحلة الخطوط الجوية، التي تلت الانفجار بوقت قصير لم يكونوا في مسرح الحدث. علي المادح في حديثه إلى «الحياة» يصف إسطنبول قبل الانفجار بثوانٍ: «كنت أتجول وصديقي في السوق المسقوفة للمدينة، كانت الأجواء الرمضانية سائدة في تلك الأزقة القديمة، فالأتراك يأنسون بوجودنا، وبين الحين والآخر يطل علينا أحدهم محاولاً الحديث بالعربية، حتى اتصل صديقي التركي يسألني، هل أنتم بخير؟ لم أكن حينها على علم بما حدث، فأخبرني بأن انفجاراً ضخماً وقع في مطار أتاتورك، ليتبدل هدوء المدينة إلى ضجيج سيارات الإسعاف، وحينها عدت إلى الفندق، كانت الوجوه تعلوها علامات التعجب مما جرى». وأضاف المادح: «مع وصولي إلى الفندق جاءني اتصال من صديق تركي يعمل في السلك العسكري، وشرح لي طريقة تنفيذ العملية الإرهابية، التي نفذت على ثلاثة محاور، علماً بأنه تم التعميم بوجود عملية إرهابية، ليسيطر الرعب على كل من في المطار، أطلق الإرهابيون النار بشكل عشوائي، وتمكن شرطي من إصابة أحدهم إصابة غير مميتة، وإلى هذا الوقت لم يعلن وجود حزام ناسف، إلا أن أحدهم تمكن من تفجير نفسه، ليلحقه انفجاران». وأردف المادح «أغلق الأمن جميع المنافذ المؤدية إلى المطار، وكان في سماء إسطنبول عدد كبير من الطائرات كانت تستعد للهبوط، إلا أنه تم توجيههم للهبوط في المطارات المجاورة، كانت الدماء والأشلاء تملأ المكان، بين قتيل ومصاب». وعن عودتهم: «وصلت إلي رسالة عبر الجوال من السفارة السعودية تفيد بأنه «إذا كنت أحد المتضررين من الحادثة فأجب بنعم»، فتواصلت فوراً مع السفارة، وزودوني برقم المسؤول المباشر، وسألته ما إذا كان هناك تأجيل للرحلات؛ فموعد عودتنا الغد. فأجاب بضرورة توخي الحذر، مؤكداً عدم وصول ما يفيد عن إجلاء الرعايا أو تأجيل رحلات الطيران، لتصل إلي رسالة من الخطوط السعودية بتأجيل الرحلات، ليعود المطار للعمل بعد 10 ساعات، وتمت إزالة بعض آثار الانفجار، وكان في انتظارنا المسؤول في الخطوط السعودية، وصعدنا إلى الطائرة التي لم يتجاوز عدد ركابها 20 راكباً، إلا أنهم شاهد على الدمار الذي خلفه الانفجار الإرهابي، فكان من الصعب استيعاب الحدث إلى حين رؤية تداعياته».