اتفق زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على تنظيم الاختلاف بينهما حول ملف رئاسة الجمهورية وعدم استحضاره في مواقفهما أو الدخول في سجال سياسي لن يبدل من واقع الحال في تعاطيهما مع هذا الملف، والالتفات إلى القضايا السياسية المشتركة التي ما زالت موضع توافق والعمل على تفعيل التنسيق والتعاون. واعتبر الرجلان، وفق مصادر سياسية واكبت الأجواء التي سادت اجتماعهما، أن التركيز على الملف الرئاسي من موقع الاختلاف بات يعيق تعاونهما في مواجهة القضايا السياسية الأخرى، ورأيا ضرورة تنقية الأجواء بين الطرفين، إن على صعيد المواقف التي تصدر عن مسؤولين من «القوات» و «المستقبل»، أو بالنسبة إلى ما يدور من سجالات تخرج أحياناً عما هو مألوف، لا سيما من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي تحفل من حين الى آخر بتبادل الاتهامات من العيار السياسي الثقيل. ولفتت المصادر نفسها الى أن جعجع والحريري جددا تفاهمهما، بالتعاون مع الحزب التقدمي الاشتراكي، على قانون الانتخاب المختلط الذي يجمع بين النظامين الأكثري والنسبي، وقالت إنهما أبديا مجموعة من الملاحظات على بعض البنود التي يتردد من حين الى آخر أنها مدرجة في صلب السلة السياسية المطروحة للخروج من التأزم السياسي، مع أنهما لم يأتيا على ذكر ما يسمى بالسلة بالاسم. وكان جعجع لبى، يرافقه رئيس جهاز التواصل والإعلام في «القوات» ملحم الرياشي، دعوة الحريري إلى سحور أول من أمس في بيت الوسط بحضور مستشار الحريري غطاس خوري. وتم في اللقاء، كما ذكر البيان الصادر عن المكتب الإعلامي للحريري، التطرق إلى عدد من المواضيع في الهجوم الإرهابي على بلدة القاع وإدانته بشدة والوقوف خلف الجيش والأجهزة الأمنية لمحاربة الإرهاب وحماية الوطن ورفض مبدأ الأمن الذاتي، على أن يقتصر دور الأهالي على مساعدة القوى الأمنية ومؤازرتها. وذكر البيان أنه تم البحث في إنهاء الفراغ الرئاسي وتأكيد أن الطرفين مستعدان للنزول الى المجلس وانتخاب رئيس وتأمين النصاب، وفي هذا الإطار فتح المجال للمزيد من التشاور مع القوى السياسية، كما أكد الطرفان مشروع قانون الانتخاب الذي قدماه مع الحزب التقدمي الاشتراكي، والتشاور مع القوى الأخرى بغية الاتفاق على قانون جديد. وتم الاتفاق -وفق البيان- على إعادة تفعيل التنسيق في القضايا كافة، بما فيها الانتخابات الطالبية والنقابية. وعلمت «الحياة» أن الحريري وجعجع تبادلا الأفكار حول كيفية إنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية، انطلاقاً من السؤال عن إمكان انتخاب رئيس جديد. وفي هذا السياق جدد جعجع قوله إن انتخاب رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون يمكن أن ينهي هذا الفراغ، لكن الحريري سأل عن الضمانات بالنسبة إلى الحكومة وتوزيع الحقائب وقانون الانتخاب؟ وكان رد جعجع: «أنا لا أضمن شيئاً، خلينا نجرب معاً لنرى إذا كان هناك إمكان لتوفير ضمانات معينة». فرد الحريري بأن زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية «كان قال في العلن إنه يلتزم اتفاق الطائف ولا يوافق على قانون انتخاب جديد يراد منه إلغاء طرف لمصلحة طرف آخر». وعاد جعجع الى القول إن «عون أقوى مسيحياً ويتمتع بحيثية في الشارع، وهذا ما لا يتمتع به فرنجية، ونحن في «القوات» بعد 30 سنة من الحرب والاختلاف مع عون توصلنا إلى تحقيق مصالحة وأنا حريص عليها». ولم ينكر الحريري موقع عون في الشارع المسيحي، لكنه رأى أن الاشتباك السياسي معه «سيكون أصعب بكثير من اشتباكنا مع فرنجية». وأيده جعجع في قوله هذا. وتوقف الحريري وجعجع أمام ما يطرح من مشاريع تتعلق بقانون الانتخاب الجديد، وأكدا تمسكهما بمشروع القانون الثلاثي، واعتبرا أن هناك إمكاناً للتوصل الى مقاربة مع المشروع المختلط المقدم من رئيس المجلس النيابي نبيه بري. ولم يستبعدا إمكان التفاهم على خلطة مشتركة تجمع بين هذين المشروعين. واتفقا على أن يتواصل الحريري مع بري في مقابل تواصل جعجع مع عون. وبالنسبة الى الإرهاب الذي ضرب في بلدة القاع. اتفقا على رفض أي شكل من أشكال الأمن الذاتي، ورأى جعجع أن توجه النائب في «القوات» أنطوان زهرا إلى البلدة لم يكن للترويج لهذا النوع من الأمن بل ذهب في ذروة الغضب التي عبر عنها الأهالي وهو حاول أن يستوعبهم لتنفيس هذه الحال التي عمت البلدة ولقطع الطريق على من يحاول استغلالها من خارج القاع ليقدم نفسه يوفر الحماية للأهالي ويستعد لتزويدهم بالسلاح. وتطرقا إلى ردود الفعل الغاضبة جراء العمليات الانتحارية التي كانت وراء استشهاد خمسة من القاع، وتوافقا على التمييز بين السوري النازح والإرهابي وعدم جواز التعامل معهما على أنهما واحد. ووعد جعجع بأن يلعب دوراً ليس في تهدئة النفوس فحسب، وإنما في قطع الطريق على محاولات التحريض على النازحين.