طالب البرلمان الأوروبي بريطانيا بتفعيل آلية انسحابها من الاتحاد الأوروبي الواردة ضمن معاهدة لشبونة «بأسرع ما يمكن» من أجل «تجنب أي ارتياب قد يكون مسيئاً ولحماية وحدة الاتحاد»، فيما شددت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل على أن بريطانيا لا تستطيع انتقاء ما تراه امتيازات ورفض ما يتوجب عليها في المقابل خلال تفاوضها في علاقتها المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي. وفي قرار اعتمد بغالبية 395 صوتاً في مقابل 200، أكد النواب الأوروبيون أن «الرغبة التي عبر عنها الشعب البريطاني يجب أن تحترم بشكل كامل وبدقة». والقرار الأساسي الصادر عن البرلمان الأوروبي الذي كان أشد لهجة، دعا بريطانيا إلى أن تبدأ المفاوضات «فوراً»، لكنْ تم تخفيفه بفضل تعديل اعتمدته غالبية النواب الأوروبيين. وأتت دعوة البرلمان قبل ساعات من قمة أوروبية عرض فيها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون على نظرائه ال27 الوضع السياسي في المملكة المتحدة بعد التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأسبوع الماضي. وحذر كامرون الذي قدم استقالته، من أنه سيترك مهمة التفاوض على خروج البلاد من الاتحاد لرئيس الوزراء الذي سيخلفه في منصبه ويرجح أن يعينه حزب المحافظين في مطلع أيلول (سبتمبر) المقبل، إثر مداولات داخلية. ولا يمكن بدء محادثات الانسحاب إلا بعد تفعيل آلية الانسحاب الواردة في المادة 50 من معاهدة لشبونة وإبلاغ الدول الأعضاء رسمياً برغبة بريطانيا الخروج من الاتحاد. وتنص المعاهدة إثر ذلك على فترة مفاوضات يمكن أن تستمر سنتين. وأعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك لدى وصوله إلى بروكسيل أمس، أن الاتحاد الأوروبي جاهز لبدء إجراءات الانسحاب «اعتباراً من اليوم» . وقال أمام الصحافيين إن «أوروبا جاهزة لبدء إجراء الخروج من دون حماسة كما يمكن أن تتصوروا، لأنه ليس السيناريو الذي كنا نحلم به». ويحاول قادة الاتحاد الأوروبي الضغط على بريطانيا من أجل بدء إجراءات خروجها من الاتحاد «من دون إضاعة للوقت» ومن أجل تجنب شل الكتلة التي بات مستقبلها على المحك. ويفترض أن يستخلص الأوروبيون «الدروس» من تصويت الناخبين البريطانيين إلى جانب هدف آخر هو تفادي انتقال العدوى. وأعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا رغبتها في إعطاء «دفع جديد للمشروع الأوروبي. لكن هذه الدول الثلاث التي تمثل أكبر ثلاثة اقتصادات في منطقة اليورو، استبعدت أي مفاوضات مع لندن قبل أن تقدم طلباً رسمياً للانسحاب من الاتحاد. وطالب رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال ب «الوضوح» من أجل «تجنب مسلسل سيئ حول مغادرة» المملكة المتحدة. كما حض رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بريطانيا على «توضيح موقفها بأسرع ما يمكن». مركل وحذرت المستشارة الألمانية من أن بريطانيا لا يمكنها «اختيار» الاحتفاظ بامتيازاتها مع التخلي عن كل واجباتها. وقالت أمام مجلس النواب الألماني (البوندستاغ): «سنحرص على ألا تكون المفاوضات على أساس الانتقاء، من يخرج لا يمكنه توقع زوال واجباته والاحتفاظ بامتيازاته»، مشددة على أن الاتحاد الأوروبي قوي بما فيه الكفاية لتجاوز رحيل بريطانيا. وكانت مركل أعلنت في مؤتمر صحافي مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، أن «اقتراحاً سيقدم إلى القمة لإعطاء دفع جديد» للمشروع الأوروبي «في الأشهر المقبلة»، لتجنب انتقال العدوى في أوروبا. كيري في لندن وزار وزير الخارجية الأميركي جون كيري لندن مساء الإثنين، وكرر دعوته إلى الهدوء، وقال إن من المهم «ألا يفقد أحد صوابه» في الوقت الذي يواجه الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة تداعيات الاستفتاء. وأكد كيري على علاقة واشنطن «الخاصة» ببريطانيا، وقال إن دور المملكة المتحدة في العالم سيتغير لكنه لن يتقلص. ولم يتخذ كيري موقفاً بشأن مدى السرعة التي يتعين اتخاذها الآن بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقال: «المهم أن يفعل كل شخص ذلك بروح التطلع إلى أفضل طريق للأمام حتى لا تتضرر الاقتصاديات ولا تتراجع المصالح الأمنية». وأعرب وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند الذي التقى كيري عن الأمل في مفاوضات «ودية» مع الاتحاد الأوروبي لكنه أقر بغضب بعض الأعضاء من بريطانيا. وقال: «الجرح غائر وسيحتاج إلى بعض الوقت حتى يلتئم». واجتمع كيري في وقت لاحق برئيس الوزراء، وقال أن واشنطن «تقيِّم حالياً تأثيرَ» استفتاء الخروج البريطاني على اتفاق تجاري مقترح بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي». وكان كيري اجتمع في بروكسيل قبل انتقاله إلى لندن مع ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي وشدد على أهمية التحالف العسكري في أعقاب التصويت البريطاني. وقال ستولتنبرغ، وهو من النروج العضو في الحلف لكنها ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي: «بعد أن قررت بريطانيا ترك الاتحاد الأوروبي أعتقد أن حلف شمال الأطلسي أصبح أكثر أهمية كمنبر للتعاون بين أوروبا وأميركا الشمالية، وكذلك في ما يتعلق بالتعاون الدفاعي والأمني بين الحلفاء الأوروبيين».