دعا رئيس «تيّار الغد السوري» المعارض أحمد الجربا روسيا إلى وقف كل عمليات القصف على المناطق الآهلة بالمدنيين حتى لو كانت تحت سيطرة فصائل تعتبرها موسكو إرهابية. بينما نشّطت روسيا تحركاتها الديبلوماسية لتسريع استئناف عملية المفاوضات في جنيف. واستقبلت موسكو أمس الجربا للمرة الأولى منذ استقالته من رئاسة «الائتلاف الوطني السوري» المعارض وتأسيسه تحالفاً جديداً أطلق عليه تسمية «تيار الغد السوري». وأعلن عضو الأمانة العامة للتيار قاسم الخطيب أن الزيارة تأتي تلبية لدعوة رسمية للجربا مع وفد قيادي بهدف إطلاع الجانب الروسي على «رؤية التكتل السياسي الجديد للحل في سورية، وتأكيد ضرورة تجنيب السكان المدنيين ويلات الحرب، وضرورة مكافحة الإرهاب». وأفاد الجربا بعد المشاورات أنه بحث مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مسألة استئناف المفاوضات السورية - السورية، موضحاً: «ناقشنا هذا الموضوع ودعونا إلى استئنافها بأسرع ما يمكن». وزاد أن اللقاء تناول الأوضاع الميدانية و «تطرق إلى ضرورة وقف قصف المناطق السورية الآهلة التي يوجد فيها إرهابيون، لأنها كسابق عهدها تضم سكاناً مدنيين». وأكد المعارض السوري أن المفاوضات السورية - السورية بعد استئنافها يجب أن تحمل «طابعاً ثابتاً ومتواصلاً»، معبّراً عن استعداده للتعاون مع موسكو «على الأرض» في محاربة الإرهاب في سورية. وكان الجربا أعلن في بداية لقائه مع الوزير الروسي أن المعارضة السورية تدعو إلى فتح ممرات إنسانية للمناطق المتضررة من العمليات القتالية. على صعيد آخر، كشف ديبلوماسيون قريبون من بعثة روسيا لدى الأممالمتحدة أن نقاشات تدور حول تحديد 12 تموز (يوليو) المقبل موعداً لجولة جديدة من المفاوضات في جنيف. علماً بأن الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا كان قد التقى لافروف على هامش منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الأسبوع الماضي، وتركز الحوار حول رغبة روسية في تسريع عملية استئناف المفاوضات بين الاطراف السورية، وضرورة أن يمارس المبعوث الدولي صلاحياته و «ألا يخضع لابتزاز طرف واحد في المعارضة»، وفق كلمات الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا. وقالت زاخاروفا أيضاً إن الملف السوري سيكون على رأس اهتمامات الوزير لافروف في جولة أوروبية تبدأ من باريس غداً الأربعاء. في موضوع آخر، برزت مؤشرات إلى احتمال كسر الجليد في علاقات روسيا مع تركيا على رغم التصعيد الكلامي في تصريحات بعض المسؤولين الروس واستمرار الخلاف الحاد حول الوضع في سورية. وكانت مصادر روسية أبلغت «الحياة» أن موسكو استقبلت أخيراً وفداً رفيعاً ضم شخصيات مقربة من الخارجية التركية وجرت مناقشة آليات تسوية الخلاف بين البلدين، وعلى رغم أن الزيارة غير رسمية لكن أهميتها تكمن في أن الدعوة تم توجيهها عبر مركز دراسات استراتيجية روسي تابع للكرملين. وفي إشارة أخرى في الاتجاه ذاته صرّحت زاخاروفا بأن روسيا ستوجّه دعوة إلى وزير الخارجية التركي، مولود شاووش أوغلو، للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الاقتصادي للبحر الأسود، المقرر بعد أيام، في إطار التزام روسيا كدولة منظمة للفعالية. لكن زاخاروفا شددت، في الوقت ذاته، على الموقف الروسي الداعي إلى إغلاق الحدود التركية - السورية كشرط من شروط إنجاح التسوية في سورية، وقالت إن تطبيع الأوضاع في سورية «يتطلب إغلاق الحدود أمام الإرهابيين وتهريب السلاح. لأنها تبقى مصدراً للتوتر الدائم بسبب استمرار تسلل المقاتلين من الحدود التركية، ونقل الأسلحة والذخيرة للمجموعات الإرهابية الناشطة في سورية». في الاتجاه ذاته، جاءت تصريحات نائب رئيس بعثة روسيا في الأممالمتحدة فلاديمير سفرنكوف حول تحرك روسي لحض مجلس الأمن الدولي على الضغط على تركيا من أجل وضع حد نهائي لسياساتها في خصوص «انتهاك حدود الدول بالمنطقة. وخصوصاً ما يتعلق بإقامة منشآت وتحصينات داخل الأراضي السورية». وأقر الديبلوماسي الروسي بأن من غير المتوقع أن يتخذ المجلس أي قرار ملموس بسبب ما وصفها «مواقف العديد من الشركاء الذين لا يرغبون بانتقاد تصرفات تركيا»، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن المشاورات التي يجريها حالياً مجلس الأمن يمكن أن تحفّز لاتخاذ إجراءات من جانب بعض الدول الأعضاء للضغط على الحكومة التركية لوقف هذه الأنشطة. وقال سفرنكوف إن روسيا قدمت وقائع محددة، وأكدت لمجلس الأمن انه نتيجة للأنشطة التركية، يتم عملياً تقويض الجهود الرامية إلى تسوية في سورية.