تنفي أوساط قريبة من وزارة الخارجية الإيرانية حدوث تغيير في سياسة طهران إزاء الأزمات الإقليمية، وتحديداً الملف السوري، بعد إقصاء حسين أمير عبد اللهيان، مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية، وإبداله بالناطق باسم الوزارة حسين جابري أنصاري. لكن أوساطاً متشددة في إيران رأت في التغيير خطوة لإجراء حوار بين طهرانوواشنطن في شأن الملفات الإقليمية، خصوصاً بعد لقاء وزيرَي الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والأميركي جون كيري في أوسلو في 15 الشهر الجاري. وكان عبد اللهيان أمسك بالملف السوري منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، علماً انه يُعتبر مقرباً من «فيلق القدس» التابع ل «الحرس الثوري» والذي يقوده الجنرال قاسم سليماني. وترى أوساط إيرانية أن إبعاد عبد اللهيان جعل ملف الأزمة السورية في يد وزارة الخارجية، بعدما كان في يد «الحرس الثوري». وهذه خطوة تشبه إلى حد بعيد، ترحيل الملف النووي من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إلى وزارة الخارجية، بعد تسلّم ظريف الحقيبة عام 2013. تزامنت هذه الخطوة مع تعيين سكرتير المجلس علي شمخاني منسقاً أعلى مع روسيا وسورية في الشؤون الأمنية والسياسية والعسكرية، في مؤشر إلى نيل حكومة الرئيس حسن روحاني مزيداً من الصلاحيات في شأن الأزمة السورية، بعد مشاورات مع القيادة الإيرانية. وكان شمخاني واضحاً بقوله بعد لقائه وزير الدفاع الروسي الجنرال سيرغي شويغو في طهران قبل أسبوعين إن الحوار بين أطراف النزاع في سورية هو الخيار البديل للحرب والعنف، في إشارة إلى دعم طهران خيارات المصالحة والحوار، بدل خيار الحرب الذي ذهب إليه «الحرس» لمعالجة الأزمة. ولفت ظريف بعد لقائه كيري في أوسلو إلى أن التركيز على الأشخاص لا يمكن أن يوجد تسوية للأزمة السورية، اذ إن «اللعبة عندها ستكون بمثابة جمع أصفار، ما يؤدي إلى طريق مسدود». وشدد على «وجوب التركيز على المؤسسات ومراكز القرار وطابع الحكومة المقبلة، ما يؤدي إلى تراجع دور الفرد والقومية في الحلّ المحتمل»، في إشارة واضحة إلى شخص الرئيس السوري بشار الأسد الذي اعتبرته طهران خطاً أحمر في أي حلّ سياسي للأزمة السورية. وعكست التغييرات التي أجراها ظريف في وزارة الخارجية تمتع الحكومة بحرية أكبر في إنجاز تغييرات مطلوبة، بعد انتخاب مجلس الشورى (البرلمان) الجديد الذي أطاح نواباً متشددين كانوا يعارضون هذه التغييرات. ويعني ذلك أن لدى الحكومة أيضاً هامشاً أكبر للمناورة في اختيار شخصيات تنسجم مع سياستها، سواء داخلياً أو خارجياً. ورأى النائب الأصولي جواد كريمي قدوسي، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، أن إقصاء عبد اللهيان لا ينسجم مع «حرب باردة يسعى الأعداء إلى فرضها» على إيران، وزاد: «حذرنا ظريف من اتخاذ هذه الخطوة، لكنه للأسف لم يصغٍ إلينا». واعتبرت أوساط متشددة أن الحكومة تحاول الاستجابة لضغوط الولاياتالمتحدة وأطراف إقليميين معنيين بالمحادثات معها، في انتهاج موقف أكثر مرونة إزاء الأزمة السورية، خصوصاً أن واشنطن تحاول ربط الموقف من هذه الأزمة بإجراءات رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران. وكان روحاني أشار إلى ذلك قبل أشهر، اذ دعا الإيرانيين إلى الاستعداد لإبرام «اتفاق ثانٍ وثالث ورابع» مع الغرب تطاول ملفات عالقة بين الجانبين، مثل حقوق الإنسان والإرهاب ودور طهران في الملفات الإقليمية. وترجّح هذه الأوساط أن تتّضح أكثر معالم استحقاقات مرحلة ما بعد الاتفاق النووي المبرم مع الدول الست، في السياسة الخارجية لإيران، بعد عطلة عيد الفطر المبارك، لجهة علاقاتها مع الدول العربية أو تعاملها مع الأزمات الإقليمية، بعد معركتَي الفلوجة في العراق وحلب في سورية.