حول اللواء جميل السيد أمس قاعة المحكمة الخاصة بلبنان في ليشندايم (ضاحية لاهاي) الى منبر للمطالبة بتسليمه وثائق يقول انها في حوزة المحكمة ومن شأنها مساعدته في ملاحقة المتسببين باعتقاله للتحقيق في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. وانكبت المحكمة بناء لقرار قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، خلال الجلسة العلنية التي عقدتها على النظر في القضية انطلاقاً من نقطتين الأولى هي اختصاص المحكمة للنظر في طلب السيد والثانية هي ما إذا كان السيد يملك صفة قانونية للتوجه الى المحكمة بمثل هذا الطلب. وتأتي هذه الجلسة العلنية في سياق طلب كان السيد قدمه الى المحكمة الخاصة ويطالب بموجبه ب «الحصول على المواد الثبوتية الخاصة بالإدلاءات التشهيرية والاحتجاز التعسفي» لمدة أربع سنوات. وبناء عليه أصدر القاضي فرانسين قراراً دعا بموجبه السيد والمدعي العام لدى المحكمة الى تقديم حججهما خطياً في شأن مسألتي الاختصاص وحق الادعاء، ما جعل فرانسين يحدد موعداً لهذه الجلسة العلنية «نظراً الى الظروف الخاصة بالدعوى ولأهمية الإشكالات التي تثيرها. وأشار فرانسين في افتتاح الجلسة الى أن الهدف منها هو إضفاء المزيد من الدقة على حجج كل من السيد والمدعي العام دانيال بلمار الذي غاب عن الجلسة ومثله خلالها معاوناه داريل مانديز وايكارت ويتوب. وكانت المداخلة الأولى لممثل السيد المحامي أكرم عازوري، الذي عدد البنود القانونية التي تدعم طلب موكله، كي تتسنى له متابعة القضية أمام هيئات قضائية مختصة. ولفت عازوري الى أنه ليس في لبنان تحقيق حول «شهادات الزور» التي اعتمدت أساساً لاعتقال السيد وأن كل الطلبات التي أودعت أمام المحاكم المختلفة لم تسفر عن أي نتيجة ما جعل العدالة اللبنانية تحيل الملف على محكمة لاهاي، وبالتالي «فإن القضاء اللبناني أعلن عدم اختصاصه وأحالنا على محكمتكم». وبعد عازوري، تحدث السيد بلهجة هادئة، كما اعتذر من القاضي فرانسين «لأن المحامي أكل القسط الأكبر من وقتي». وقال باللغة العربية، ان «قراركم أدى الى تحريرنا من الاعتقال عام 2009، استناداً الى عدم صدقية بعض شهود الزور وهذا القرار مثل اعترافاً رسمياً وقضائياً بوجود شهود زور» في قضية اغتيال الحريري. وشدد على أنه بعد رفض القضاء اللبناني التجاوب مع طلبه حول الشهود، فإنه يجد نفسه «في فراغ إجرائي لأنه من دون الملف» لن يكون بوسعه متابعة قضيته أمام القضاء في لبنان. وتدخل رئيس مكتب الدفاع فرانسوا رو، مذكراً بسوابق متعددة على صلة بالقضاء الدولي، ومؤكداً أن لهذه المحكمة حقوقاً وواجبات ضمنية ومن واجبها ممارسة اختصاصها عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان. ودعا رو بوضوح المحكمة لقبول طلب السيد. واعتبر مانديز ان القول بأن المحكمة مخولة الرد على طلب السيد ينطوي على قراءة مغلوطة لنظامها الأساسي ولوائحها، وإن هذا الطلب خارج عن نطاق الجرائم التي يمكن للمحكمة النظر بها. وحذر من ان الاستجابة لهذا الطلب قد توسع نطاق وظيفة المحكمة علماً بأن مهمتها هي ملاحقة إرهابيين أمام القضاء. أما النقطة المتصلة بما إذا كان السيد يملك الصفة القانونية، فتولى ويتوب توضيحها بالقول ان صفة الاحتكام الى هذه المحكمة محصورة بموجب نظامها الأساسي بالمدعي العام وحده والمتهمين ووكلائهم والضحايا. وأعطي الكلام لعازوري الذي أبدى دهشته «الكبيرة» لموقف الادعاء العام «الذي يحق له اتخاذ الموقف الذي يراه»، لكنه رأى أن «لهذا المواقف أثاراً قضائية» وأنه لا يحق له ان يقاوم ويرفض الطلب لأن هذه المحكمة ليست استثنائية و «لنا الحق في تسلم بعض المواد الموجودة لديها». وأعلن فرانسين انه سينظر في طلب الادعاء حول إمكان إيداع مذكرة مكتوبة لاحقاً تتعلق بالأسئلة «الدقيقة» التي طرحها. وقال انه سيصدر قراره في شأن طلب السيد في مستهل شهر أيلول (سبتمبر) المقبل «ما لم أقرر اعادة فتح باب النقاش، ولكني لن أبت في هذا الأمر اليوم ما لم يكن هناك من إضافات». ونقل تلفزيون «أخبار المستقبل» أن المحامي عازوري علق على عدم رد مساعد المدعي العام على أسئلة فرانسين بالتفوه بعبارة نابية بالعربية فيما كانت الميكروفونات مفتوحة، في الجلسة الثانية بعد الاستراحة، فسمعت في أرجاء القاعة. وقال ممثل الادعاء أنه سيسجل هذا الكلام. وقال السيد عند خروجه من الجلسة للصحافيين ان هذه فلتة. وهذا يحصل. المهم أننا أوصلنا الموقف. وفي بيروت أعلن مكتب رئيس الحكومة سعد الحريري رسمياً عن زيارته المرتقبة لدمشق الأحد المقبل وفق ما ذكرته «الحياة» أمس. واللافت انه سيرافق الحريري 13 وزيراً بينهم وزيرا «القوات اللبنانية» ابراهيم نجار (العدل) وسليم وردة (الثقافة)، فيما الاتصالات مقطوعة كلياً بين دمشق وحزب «القوات». وترأس الحريري مساء أمس اجتماعاً في مطار رفيق الحريري الدولي حضره عدد من الوزراء المختصين لبحث معالجة أوضاعه الإدارية والأمنية والفنية فيما أبلغ وزير الداخلية زياد بارود مجلس الأمن المركزي الذي اجتمع أمس بطلب قائد جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير إعفاءه من مهماته وبالموافقة على طلبه إجازة لمدة شهر وتريث في البت بطلب الإعفاء الذي قدمه إثر حادثة اكتشاف جثة الشاب فراس حيدر في حجرة العجلات في طائرة سعودية عند وصولها الى الرياض فجر السبت الماضي. وشهد المجلس النيابي سجالاً بين نواب «حزب الله» الذين اعترضوا على ما نص عليه مشروع قانون الإجازة للحكومة التوقيع على اتفاق تعاون أمني إداري ومدني لبناني - فرنسي، وبين نواب آخرين ووزير الداخلية بارود.