انتهى مونديال 2010، ومرّ الشهر سريعاً جداً، وسننتظر أربعة أعوام أخرى لمتابعة مونديال جديد سيكون هذه المرة في البرازيل، والذي نتمنى أن يكون أكثر إمتاعاً من الناحية الفنية وأكثر إقناعاً من النجوم، ولكن ما رأيكم لو حاولنا أن نحصي حساب الأرباح والخسائر في هذه البطولة، ولنبدأ بالأرباح، بالتأكيد الرابح الأكبر اثنان أولهما البلد المنظم وهو جنوب أفريقيا، إذ ربحت أولاً احترام العالم بحسن التنظيم وبروعة البنية الأساسية، ثم تقديم وجه جميل لأفريقيا ردوا فيه بقوة على كل من شكك في قدرة هذه الدولة الأفريقية الرائعة على تنظيم مثل هذا الحدث الكبير، والأهم أيضاً أن جنوب أفريقيا استطاعت أن تخرس ألسنة الأميركان الذين أرادوا إفساد هذا العرس الأفريقي العالمي الكبير، بإعلانها أنه من المنتظر وقوع عمل إرهابي كبير على هامش المونديال، بل إنها طلبت من رعاياها عدم الذهاب إلى هناك، إلا أن الرد جاء قاسياً لأن المشجعين من أنحاء العالم كافة وعلى رأسهم الأميركان توافدوا إلى جنوب أفريقيا في إشارة واضحة إلى الكذب الأميركي السافر، ثاني الرابحين بالتأكيد هم أبطال العالم الإسبان، فقد نجحوا للمرة الأولى في تاريخهم في الفوز بالكأس ليضموها إلى كأس أوروبا ليصبح هذا العصر هو عصر الإسبان، إضافة إلى تألق وتوهج النجوم مثل كاسياس وأنيستا وبويول وراموس وفيا وغيرهم من النجوم الذين أصبحوا علامة بارزة في تاريخ كرة القدم في العالم، ومن الرابحين في مونديال جنوب أفريقيا رئيس الاتحاد الدولي جوزيف بلاتر الذي ضمن البقاء في مقعده لفترة أخرى مقبلة، على الأقل بعد أن نجح رهانه على القارة السمراء، لذلك ضمن الرجل أصوات العالم الطيب، مثل أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، وبالتالي لم يعد له منافس يذكر على منصب الرئيس، ومن هنا أهنئه مقدماً على فوزه بالمنصب بالتزكية، والله يعيننا عليه وعلى تصريحاته في الفترة المقبلة، أيضاً من أهم الرابحين في المونديال الأفريقي منتخب «البلاك ستار» غانا، الذي قدم كرة جميلة ونال احترام العالم كافة، وكان قريباً جداً من الوصول إلى نصف النهائي لولا ركلات الحظ السيئة، والتي حرمت أفريقيا كافة من وجود فريق أفريقي للمرة الأولى في نصف النهائي. وإذا كان هؤلاء هم أهم الرابحين، فمن هم يا ترى أكبر الخاسرين؟ من دون شك المدربون الكبار، أسماء أمثال كابيللو ودونغا ومارادونا وليبي ودومنيك، فقد خسروا كل شيء وأثبتوا أنهم مدربون ضعفاء، فلا خطط ولا تكتيك ولا حسن إدارة المباريات، وبالتالي لم يكن غريباً أن تهبط أسهمهم بشدة في البورصة بعد نهاية المونديال، وأيضاً من أكبر الخاسرين النجوم المشاهير في الدوريات الأوروبية، فقد اتضح جلياً أنهم متفوقون فقط في البطولات المحلية، أما البطولات من عيار كأس العالم فلها رجالها، لذلك لم نرَ شيئاً من ميسي وكاكا وروبينهو وكريستيانو رونالدو أو ريبيري وغيرهم من الأسماء الرنانة، ولكن فقط في أنديتهم والتي سنعود نحن أيضاً لمتابعتها من خلال الدوري الإسباني والإنكليزي والألماني وغيرها من الدوريات الكبرى، ولكن وبكل تأكيد اتضح أنه من الصعب أن يكون هناك بيليه آخر أو مارادونا أو بيكنباور أو كرويف، لأن هؤلاء كافة كانوا نجوماً في كل مكان، وبالتالي لم ينجحوا في البطولات المحلية فقط، بل تفوقوا وبشدة في بطولات كأس العالم لدرجة أن بعض البطولات سميت بأسمائهم، مثل 1958 في السويد وهي بطولة بيليه، أو 1986 في المكسيك وهي بطولة مارادونا، أو 1974 في ألمانيا وهي بطولة كرويف، وغيرها من البطولات والنجوم الكبار أمثال رونالدو البرازيلي نجم مونديال 2002 وبوفون الإيطالي وزيدان الفرنسي نجما مونديال 2006. إذاً نحن أمام ظاهرة واضحة وهي اختفاء النجوم الفردية وبدء الاعتماد على الجماعية، وهي سمة العالم كافة باستثناء عالمنا العربي، ولو لم تصدق فقط اذهب إلى نتائج العرب في التصفيات وأيضاً في البطولة نفسها، ولعلي جنبت نفسي قصة الصراع والهجوم، فلم أصنف الجزائر في حساب الأرباح والخسائر حتى لا يغضب مني أحد. [email protected]