رفض الرئيس محمود عباس لقاء الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين في بروكسيل، وقال في كلمة له أمام البرلمان الأوروبي في بروكسيل أمس، أن فلسطين تعرضت لمجزرة تاريخية وعملية سطو لا مثيل لها ولا زالت مستمرة على مرأى من المجتمع الدولي. وأوضح عباس: «أقل ما يقال عن المشهد الفلسطيني هو أن فلسطين الوطن والشعب، بتاريخها وتراثها وهويتها وكيانها الجيوسياسي، تعرضت لمجزرة تاريخية وعملية سطو لا مثيل لها في القرن العشرين، ولا زالت مستمرة في القرن الحادي والعشرين، تحت نظر المجتمع الدولي وقواه الفاعلة وسمعهم». وأضاف أن «الفصول السود التي عاشها شعبنا، لا زالت مستمرة، فشعبنا في داخل فلسطين يعيش طغيان الاحتلال بإجراءاته التعسفية وعنصريته البغيضة، أما شعبنا الذي يعيش لاجئاً في الشتات، فلا زال يعيش البؤس والحرمان. لكننا عقدنا العزم على الصمود، والبقاء على أرضنا، والعمل على الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي، بالطرق السياسية والديبلوماسية والسلمية، وقطعنا شوطاً كبيراً، ونجحنا على المستوى الدولي». وكان عباس جدد مساء الأربعاء دعم قيادة السلطة للجهود الفرنسية لإحلال السلام، وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني عقب اجتماع حضره رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في بروكسيل: «أود أن أعبر عن تثميننا للجهود الفرنسية، وكذلك جهود جميع الدول الأوروبية، وتبني المجلس الوزاري الأوروبي لهذه المبادرة» الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام. كما شكر «اللجنة الرباعية الدولية، والدول العربية، بل وكل من شارك في اجتماع باريس في الثالث من الشهر الجاري». وأضاف: «في لقائنا هذا المساء، كانت الفرصة سانحة لنا لتناول مواضيع مهمة تتعلق بدور الاتحاد الأوروبي في دعم المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام قبل نهاية العام، من أجل خلق آلية متابعةٍ وجدول زمنيٍ للمفاوضات ولتنفيذ ما يتفق عليه»، و «تحادثت مع الرئيس (فرنسوا) هولاند قبل أيام، وأكد لي مضي فرنسا في جهودها الرامية لحشد دعم الدول المعنية لعقد هذا المؤتمر الحيوي لمنطقتنا، بل وللعالم أجمع». وأردف أنه «بات من الضروري استكمال عمل اللجان المختصة والمشكلة بين الاتحاد الأوروبي وفلسطين من أجل عقد اتفاقية دائمة للشراكة تكون بديلاً عن الاتفاقية الحالية الموقتة». من جهة أخرى، أكد «أننا عازمون وبتصميم على توحيد شعبنا وأرضنا، وعملنا وسنواصل العمل لتحقيق المصالحة خلال الفترة المقبلة، وصولاً إلى إجراء الانتخابات، وفق برنامج سياسي يتطابق مع الشرعية الدولية والقانون الدولي والاتفاقات الموقعة، كما نص عليه برنامج منظمة التحرير الفلسطينية». وزاد: «نسعى بكل إخلاص الى إقامة السلام العادل الذي يضمن الأمن للجميع، ويفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا وتحقيق السلام على نحو يمكن شعبنا من العيش بحرية وكرامة في دولة مستقلة خاصة بنا، إلى جانب دولة إسرائيل، لتعيشا في أمن واستقرار وحسن جوار بعيداً من التطرف والإرهاب». وتابع: «إذا أرادت إسرائيل السلام مع جيرانها العرب، فعليها إنهاء سيطرتها على شعبنا ووطننا أولاً، وذلك بالانسحاب من أرضنا والاعتراف بحقوق شعبنا، وفي هذا مصلحة كبيرة لها، فعندئذ سيكون من الممكن تطبيق مبادرة السلام العربية كما جاءت في مؤتمر بيروت لعام 2002». لقاء الرئيس الإسرائيلي في هذه الأثناء، أفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن عباس رفض مقابلة الرئيس رؤوبين ريفلين الذي يزور بروكسيل، رغم محاولات مكثفة بذلها الاتحاد الأوروبي ووسطاء آخرون للجمع بين المسؤولين. غير أن الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة شدد على عدم وجود أي موعد أو ترتيب لقاء بين الرئيسين، موضحاً: «هدف الرئيس (عباس) هو إلقاء كلمة أمام البرلمان الأوروبي للحديث عن الموقف الفلسطيني والعربي من التحركات السياسية في المرحلة المقبلة، خصوصاً المؤتمر الدولي للسلام الذي قدمته فرنسا، وتبناه الاتحاد الأوروبي». وقالت مصادر أوروبية أن عباس رفض بشدة مقابلة ريفلين، معتبراً أن أي لقاء من هذا القبيل من شأنه أن يضر بالموقف الفلسطيني في مواجهة التغوّل والعناد الإسرائيلي ورفض عملية السلام. وكان رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز صرح بأنه يأمل في تنظيم لقاء قصير بين الرئيسين في وقت متقدم من مساء الأربعاء - الخميس في بروكسيل، موضحاً: «إذا نجحنا في جعلهما يلتقيان في حرم البرلمان الأوروبي، أعتقد أنهما لن يغادرا جرياً، لكن سأبذل ما في وسعي لكي يلتقيا». ويذكر أن ريفلين ينتمي إلى الجناح الأكثر يمينية في حزب «ليكود» بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، وهو يؤيد إقامة «إسرائيل الكبرى»، ويعارض قيام دولة فلسطينية. وقال مصدر في محيط شولتز عصر أمس: «لم يحصل اللقاء بسبب عدم تطابق المواعيد».من جانبه، صرح الرئيس الإسرائيلي بأنه يجد غرابة في رفض الرئيس الفلسطيني الاجتماع مع زعماء إسرائيليين، مضيفاً بعد اجتماعات مع يونكر وموغيريني، أن المحادثات المباشرة هي «السبيل الوحيد» لإحياء فرص السلام. وقال: «على المستوى الشخصي، ينبغي أن أقول إنني أجد غرابة في أن الرئيس عباس... صديقي أبو مازن... يرفض مراراً وتكراراً الاجتماع مع زعماء إسرائيل، ويسعى مراراً وتكراراً للحصول على دعم المجتمع الدولي. يمكننا الحوار. يمكننا الحوار في شكل مباشر وإيجاد سبيل لبناء الثقة».