رجحت فرضية الدوافع النفسية في الهجوم الذي نفذه الأميركي الأفغاني الأصل عمر صديق متين على ملهى «ذي بالس» للمثليين في أرولاندو بولاية فلوريدا ليل السبت– الأحد، وأسفر عن 50 قتيلاً، إذ أثارت وسائل إعلام تكهنات حول الماضي المثلي لمتين وارتياده الملهى مرات. ونقلت صحيفة «أورلاندو سانتينيل» عن شهود قولهم إن متين أبدى مرات سلوكاً عدوانياً داخل الملهى ارتبط بإفراطه في شرب الكحول. وأبلغ أحد زبائن الملهى لصحيفة «لوس أنجليس تايمز» أن المهاجم استخدم موقع «غاي جاكد» للمثليين على الإنترنت. ونقلت صحيفة «بالم بيتش بوست» شهادة أخرى عن طالب سابق في أكاديمية الشرطة بمعهد «إنديان ريفر كومينيتي كوليدج» حيث درس متين عام 2006، أن منفذ الهجوم حاول استمالته. وهذه الشهادات قد تقلل من أهمية فرضية تطرف مطلق النار المرجحة حتى الآن، علماً أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أعلن أن متين «استوحى هجومه من عمليات تنظيم داعش، لكنه أعلن ولاءه له في اللحظة الأخيرة، ولا دليل حالياً على أن التنظيم أداره من الخارج أو أدرجه ضمن مؤامرة أوسع». وكان «داعش» تبنى عبر الإنترنت هجوم أورلاندو. وكانت عائلة متين أكدت أن عمله ليس مرتبطاً بالدين «بل بكرهه مثليي الجنس». وروى والده أن ابنه أصيب بصدمة حين رأى مرة رجلين يتبادلان القُبل في أحد شوارع ميامي، أمام أنظار زوجته وابنه، علماً أن زوجته قالت إنها لم تسمعه أبداً يُبدي دعماً للإرهاب. واستجوب مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) متين ثلاث مرات في عامي 2013 و2014 «للاشتباه في ارتباطه بإرهابيين». لكن هذه التحقيقات أغلقت لعدم توافر الأدلة، وهو ما أثار استياء المرشحة الديموقراطية للرئاسة هيلاري كلينتون التي قالت: «إذا كان أف بي آي يراقب شخصاً للاشتباه في علاقته بالإرهاب فيُفترض ألا يستطيع هذا الشخص شراء سلاح ناري». وأضافت: «إذا فزت بالرئاسة سأضغط على شركات التكنولوجيا الأميركية لتوسيع نطاق المراقبة الإلكترونية للمشبوهين في احتمال ارتكابهم هجمات متطرفة. فالخبراء الذين يحافظون على أمننا هم أول من يرى أن هناك حاجة لتعزيز النشاطات الاستخباراتية من أجل كشف المخططات الإرهابية وإحباطها». وأوضحت أنه «يجب التصدي للحملات الدعائية على الإنترنت ورصد الأنماط على مواقع التواصل الاجتماعي واعتراض الاتصالات»، ما قد يشعل تعليقات في شأن الجدل العالمي حول الخصوصية، والذي بدأ بعد هجمات في باريس وبروكسيل وسان برناردينو في كاليفورنيا. وخصصت مواقع «فايسبوك» و «غوغل» و «تويتر» في العام الأخير المزيد من الموارد لمكافحة الدعاية المتطرفة على الإنترنت، وتجنيد متشددين. لكنها تفعل ذلك بهدوء شديد لتجنب إعطاء انطباع بأنها تعمل عن كثب شديد علناً مع السلطات. وتعتمد هذه الشركات بشدة على المستخدمين للإبلاغ عن محتوى مريب يرى خبراء التكنولوجيا أنه يستحيل حذفه تماماً من دون أن يقود ذلك إلى شبكة إنترنت تخضع لرقابة مشددة. ويشير خبراء مكافحة الإرهاب منذ فترة إلى صعوبة تعقب الهجمات الفردية ومنعها، لأن مدبريها ومنفذيها لا يطلعون الآخرين على خططهم عادة. تجمعات وإدانات وتجمع آلاف الأشخاص ليل الإثنين أمام أكبر صالة للعروض في أورلاندو فيليبس سنتر لتكريم ضحايا الاعتداء، ونظِّمت عشرات التجمعات في أنحاء البلاد، خصوصاً في نيويورك، حيث وقف آلاف الأشخاص أمام حانة «ستونوول إن» التاريخية للكفاح من أجل حقوق المثليين. وبعث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتعازيه إلى أوباما في ضحايا هجوم أورلاندو. وقال الناطق باسمه ديميتري بيسكوف: «التعليقات التي تعبر عن كراهية شديدة للمثليين غير مقبولة». ودان مجلس الأمن «بأشد العبارات الممكنة» الهجوم. وأشار بيان دوله ال15 الأعضاء الذي صدر بالإجماع، إلى أن ضحايا إطلاق النار «استهدفوا بسبب ميولهم الجنسية». وأوضح ديبلوماسيون أن إصدار البيان الذي اقترحته الولاياتالمتحدة تأخر بسبب تحفظات عبرت عنها روسيا ومصر اللتان عارضتا هذه الصيغة. إلى ذلك، وصف الزعيم الروحي للتيبت الدالاي لاما مجزرة أورلاندو بأنها «فاجعة خطيرة جداً، لكن من الخطأ أن نرى جميع المسلمين إرهابيين محتملين، ففي كل طائفة دينية هناك أشرار». على صعيد آخر، كشفت السلطات الأسترالية أنها تراجع في شكل عاجل تأشيرة الداعية الإسلامي الشيعي فاروق سيكاليشفار لإلقاء محاضرات في مركز إسلامي بسيدني، مشيرة إلى أنه زار مدينة أورلاندو هذه السنة، بعدما قال في محاضرة بولاية ميشيغن الأميركية عام 2013 إن «الموت هو الحكم الواجب على المثليين». لكن سيكاليشفار شجب أول من أمس هجوم أورلاندو، واعتبره «عملاً إرهابياً وحشياً لا يمكن تبريره».