سعى لبنان الرسمي والسياسي أمس، إلى معالجة انعكاسات التفجير الذي استهدف مصرف «لبنان والمهجر» (بلوم بنك)، ليل أول من أمس، باعتباره موجهاً ضد القطاع المصرفي، وشددت معظم ردود الفعل على حماية هذا القطاع الذي يشكل أحد عوامل صمود الاقتصاد اللبناني العليل، نتيجة غياب الاستقرار السياسي. (للمزيد) وكانت العبوة الناسفة وضعت بدقة عند مدخل خلفي للمبنى الزجاجي للإدارة المركزية للمصرف، في توقيت مدروس بعد دقائق قليلة من حلول موعد إفطار الصائمين، إذ كانت الشوارع شبه خالية من السيارات والمارة، ما حال دون خسائر بشرية، وانعكس الانفجار على الحركة العامة أمس فتراجعت نسبياً، قياساً إلى ما تكون عليه في بداية الأسبوع. وإذ رجحت طريقة وضع العبوة الاعتقاد في الوسطين السياسي والمصرفي أن يكون استهداف «بلوم بنك» والقطاع المصرفي، جاء على خلفية الخلاف بين «حزب الله» من جهة ومصرف لبنان المركزي والمصارف من جهة اخرى، حول تطبيقها قانون العقوبات الأميركية المالية على الحزب ومن يتعامل معه، بعد خروج الخلاف إلى العلن على لسان قيادة الحزب، فإن ردود الفعل التي صدرت من قوى سياسية تدور في فلك الحزب وقوى «8 آذار» سارعت إلى التركيز على أن هدف التفجير «الفتنة». ورأى بعضها أن التفجير يستهدف الحزب نفسه رداً على تكهنات أوحت بأن الحزب قد يكون وراءه، استناداً إلى حملته السابقة على إجراءات المصارف وتدابير مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة والتي وصفها بأنها «مريبة»، رداً على تجميد حسابات قياديين في الحزب ومؤسسات متصلة به. وشدد رئيس البرلمان نبيه بري على أن «الأيدي الآثمة التي سعت لإرباك الوضع عبر التفجير تستهدف لبنان أولاً وحزب الله ثانياً... وهي تدل على نفسها...» ونبّه بري اللبنانيين وقواهم السياسية ومرجعياتهم الروحية إلى «الأبعاد الحقيقية لاستهداف لبنان في قلب عاصمته ونظامه المصرفي المميز الذي ما زال ينافس على رغم الحروب والمحاولات الإسرائيلية لمجاراة خبرتنا ونظامنا الاقتصادي الحر...» ودعا إلى عدم التسرع والانجرار خلف المخططات المشبوهة. أما رئيس الحكومة تمام سلام فترأس اجتماعاً حضره وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف جوزف طربيه، انتهى ببيان أكد فيه سلام أن الانفجار «جريمة إرهابية يرقى إلى مرتبة المساس بالأمن القومي باعتبار القطاع المصرفي أحد الركائز الرئيسة للدولة في ظل الشلل الذي تعانيه المؤسسات الدستورية». وأكد البيان ثقة المجتمعين بإجراءات المصرف المركزي محلياً ودولياً، لحفظ النظام المالي وتعزيز مناعته. كما دعا المجتمعون إلى أن «يعتمد جميع المعنيين بهذا الملف أعلى درجات الحكمة وأن يعتمدوا الحوار الهادئ، بعيداً من صخب المنابر بما يحمي موقع لبنان المتقدم في النظام المالي العالمي». وسبق الاجتماع بيان عن جمعية المصارف اعتبر أن التفجير أصاب القطاع المصرفي بكامله، وحضت الجمعية السلطات والأجهزة القضائية والأمنية على كشف الفاعلين، كما نجحت في حوادث سابقة... وشددت على أن «المصارف تعمل وفق أعلى الممارسات المهنية وقواعد الأسواق الدولية». وأصرت إدارة مصرف «لبنان والمهجر» على مداومة موظفيها في مبنى ملاصق للمبنى المستهدف، وأكدت أنه يمثل جميع شرائح المجتمع اللبناني وطوائفه لجهة زبائنه وهم أكثر من 400 ألف ومساهميه الذين يفوق عددهم ال10 آلاف. وطمأن الموظفون إلى أن كل قيود المصرف محفوظة ولم تتأثر. وشدد الكثير من ردود الفعل السياسية على اعتماد الحوار في معالجة مسألة العقوبات وتدابير المصارف، وسط مخاوف لدى خبراء ماليين من أن تتحول العقوبات على «حزب الله» من مشكلة بينه وبين وزارة الخزانة الأميركية إلى مشكلة لبنانية داخلية، نتيجة التزام القطاع المصرفي هذه العقوبات التي تلزمها بالامتثال لها تحت طائلة اتخاذ تدابير حيال تحويلاتها وتعاملاتها. وتواصلت التحقيقات حول التفجير من قبل شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وأفادت المعلومات الأولية بأن زنة العبوة الناسفة قرابة 7 كيلوغرامات من المواد الشديدة الانفجار. ويقوم الخبراء بمراجعة أفلام الكاميرات الموجودة في المنطقة والمصرف لعلها تقود إلى هوية الجناة.