- «رواية مخيبة للآمال»، بهذا التعبير وصفت الصحافة الأميركية اللاتينية والإسبانية أحدث أعمال النوبلي البيروفي فارغاس يوسا «سينكو إسكيناس» (الزوايا الخمس)، وهو اسم أحد الأحياء المهملة في ليما، عاصمة البيرو. فمنذ صدورها قبل شهر أحدثت الرواية الثامنة عشرة ليوسا ضجة في الوسط الثقافي الإسباني، صاحبَتْها عاصفة من النقد الحادّ. ففي مقالة نشرتها صحيفة «لا فوز دي غاليسيا»، كتبت الناقدة الأدبية إيلينا مانديز: «خيبة أمل. هذه هي الكلمة التي تختزل حقاً الشعور الذي تُخلّفه قراءة رواية يوسا الجديدة في نفس قارئها». وفي تعليقه الأسبوعي في «إل كونفيدونسيال» كتب مواطنه ألبيرتو أولموس: «ألم يكن بمقدور يوسا أن يُقدّم عملاً أفضل من هذه الرواية؟»، مشيراً إلى أنّ كتابات فارغاس يوسا وآخرين من أمثاله أدخلت الأدب الأميركي اللاتيني الحديث في قلب الأدب العالمي المقروء والمطلوب، فقدّم شخصيات بقوّة أبطال فلوبير وبلزاك، وعرض أحداثاً تاريخية ومواضيع إنسانية شائكة لا تقلّ عن موضوعات ويليام فولكنر وفيرجينيا وولف، فهل تجوز الموافقة على رواية في مستوى «الزوايا الخمس»؟ وأعرب بعضهم الآخر عن صدمة إزاء عملٍ لا يشبه يوسا ولا يليق باسمه ومكانته. فتساءل أحد النقاد الإسبانيين: «أين اختفى فارغاس الذي أدهش العالم عام 1963 بمقدرته السردية في «المدينة والكلاب؟». في الرواية الجديدة، يأخذ يوسا القارئ في رحلة زمنية إلى بيرو التسعينات، تحت حكم ألبيرتو فوجيموري الديكتاتوري، ورئيس استخباراته الظالم فلاديميرو مونتيسينوس. ومن خلال الحيّ المهلهل «سينكو اسكيناس»، يحاول الكاتب أن يكشف ما يدور في كواليس ذلك النظام السلطوي الشمولي. وكان يُمكن وفق بعض النقاد، أن يُقدّم روايةً ضخمةً ومهمة على غرار «حفلة التيس»، حيث رسم يوسا بمهارة لافتة الأيام الأخيرة للديكتاتور الدومينيكي رافائيل تروجيللو. صدرت الرواية الجديدة لصاحب «مديح الخالة» بمواكبة إعلامية وإعلانية قوية، تزامناً مع احتفال كاتب نوبل بعيده الثمانين، فخصصت المجلات والجرائد الإسبانية صفحاتها وملاحقها للحديث عن يوسا، شخصاً وأدباً، مع استعادة بعض الأحداث المهمة في حياته وأبرزها علاقته الملتبسة بصديقه اللدود، غابرييل غارسيا ماركيز. لكنّ ردود الأفعال جاءت عكسية بعد قراءة العمل الذي لم يلقَ الحفاوة التي اعتادتها أعمال يوسا، بل ألصقت بها الأوصاف المشينة من صحف البيرو إلى كولومبيا فإسبانيا ودول أميركا اللاتينية.