لغة التعاطي الإعلامي في مونديال كأس العالم لكرة القدم المقام حالياً في جنوب أفريقيا، تكشف فوارق التعاطي بيننا وبين الآخرين. منتخب فرنسا يتعرض لهزة عنيفة ويفقد السيطرة على اللاعبين وتضيع هوية الفريق ميدانياً، وعلى رغم هذا عاد المنتخب لباريس وسط ضجيج محدود وقرار وحيد هو تكليف اللاعب السابق بلان بقيادة الفريق بدلاً من دومينيك، ولم يصاحب ذلك تقريع فردي لأي لاعب وإنما نقد موضوعي للظهور المهزوز في المونديال. ومنتخب إيطاليا أبطال العالم في النسخة الأخيرة في ألمانيا 2006 خرج من الدور الأول ولم يتغير شيء، فالجهاز الفني مستمر والنجوم تعرضوا لنقد في أدائهم الفني فقط من دون المساس بكرامتهم أو التحقير أو الإذلال الذي يتلذذ به البعض. ومنتخب الأرجنتين بقيادة الداهية مارادونا واللاعب الفذ ميسي خرج بهزيمة مذلة من منتخب ألمانيا قوامها أربعة أهداف، وعلى رغم هذا تم استقبال الفريق في مطار بيونس أيرس استقبال الأبطال وفي حضور جماهيري كبير، ولم يأت صوت إعلامي ليطعن خاصرة الوطن بنقد فردي كما فعلنا مع سامي الجابر في مونديال 2002، حيث بلغ النقد اللاذع مداه والبعض أطلق عليه لقب «أبو السناتر»، وكأن سامي الوحيد الذي لعب في الملعب وكأن الفريق بأكمله كان حاضراً والغياب الفني كان لسامي وحده، بينما كان الانهيار الفني في لقاء ألمانيا لعناصر المنتخب كافة، وليس للاعب واحد فقط كما فعلت الأقلام الملونة لدينا. ورئيس دولة غانا جون أتا ميلز يطالب الجماهير باستقبال المنتخب استقبال الأبطال، ترى لو كان لاعب سعودي أضاع ركلة الجزاء في آخر دقيقة من عمر المباراة، كما فعل لاعب غانا جان، كم مشنقة سننصبها؟ وكم مقصلة نصنعها خصيصاً له، طوال مشواره؟ ومنتخبات عدة تساقطت وخرجت من دون أن تحقق شيئاً في هذا المونديال، وعات لأوطانها من دون أن تتعرض للتقريع الفردي المؤذي أو أن تسحب منهم الثقة، فالرياضة هكذا فوز وخسارة ولا يستطيع أي فريق أو أي منتخب في العالم الفوز دائماً، لأن الرياضة مثل الأيام «يوم لك ويوم عليك»، ونحتاج إلى تغيير النغمة الإعلامية من تقريع فردي بحسب الألوان كما حصل مع سامي الجابر في مونديال 2002، وكما حصل مع غيره من اللاعبين في مناسبات عدة إلى نقد موضوعي بحسب الأداء الفني للمجموعة وليس للفرد، لأن الشماعة التي نعلق عليها الإخفاق دائماً لا يمارسونها أبداً، ولأن المنتخبات كافة ستعود بخفي حنين ولن يكون هناك إلا بطل واحد يصفق له الجميع، والبقية يتحولون إلى كمبارس «معزومين من ضمن المعازيم». [email protected]