روتين يومي لا ينتهي ذلك الذي تعيشه الفتيات الجامعيات في العراق أثناء العطلة الصيفية. فالالتزامات الروتينية اليومية داخل المنزل من مساعدة الأمهات ومتابعة البرامج التي تبثها الفضائيات تكاد تكون المتعة الوحيدة لهن سيما بالنسبة الى اللواتي يعشن في عائلات محافظة لا تسمح لهن بالخروج كثيراً. وعلى رغم متاعب الدراسة وهمومها، الا انها تعد منفذاً اساسياً للخروج من المنزل ولقاء الاصدقاء وكسر الرتابة التي تكرسها العطلة الصيفية عند الفتيات وتدفعهن الى انتظار العودة الى مقاعد الدراسة بفارغ الصبر. وتتذمر الكثيرات من العمل داخل المنزل خصوصاً إذا قامت الأم بتوزيع المهمات. وترفض كثيرات تنظيف المنزل بمفردهن في أشهر العطلة التي غالباً ما تكون موسماً للعواصف الترابية في العراق ما يتطلب تنظيف المنازل مرتين أو ثلاثة في اليوم الواحد. وتؤكد عبير عصام ان الشيء الوحيد الذي تجده الفتيات مسلياً هو متابعة برامج الفضائيات بشكل يومي، أما التزامات العائلة فمن أكثر الامور المكروهة. عبير لا تختلف عن بقية صديقاتها في هذا الامر، لكنها الى جانب ذلك ترى ان العطلة تمثل «موسم نقاهة لبشرة الفتيات من الشمس الحارقة» وانها في كل عام حينما تعود الى الدراسة يخبرها الزملاء والأصدقاء «انها تبدو أجمل وان بشرتها اصبحت اكثر حيوية ونقاء». وترى ان من سلبيات العطلة الصيفية التي تعاني منها غالبية الفتيات زيادة الوزن بسبب مضاعفة الوجبات اثناء مشاهدة التلفاز. وتقول ان الفتيات يتناولن وجبتين رئيستين اثناء الدراسة أما في العطلة فالكمية تتضاعف الى ثلاث وجبات فضلاً عن وجبات أخرى خفيفة مثل الشيبس والعصائر والبسكويت وغيرها من الأغذية التي تسهم بشكل او بآخر في زيادة الوزن. والجلوس مع الاصدقاء والعائلة امام التلفاز والتشارك في تلك الوجبات يفتحان الشهية ويدفعان الفتيات الى غض النظر عن أية حمية محتملة قد يفكرن في اتباعها اثناء العطلة. ويلجأ بعضهن الى تناول الطعام كنوع من سد وقت الفراغ الذي كان ينقضي بسرعة في الدوام الجامعي والمقاهي الشبابية. فتيات أخريات يفضلن تكريس العطلة لتعلم بعض فنون الطبخ من برامج التلفزيون ووضع العائلة تحت رحمة تجاربهن المطبخية التي تصيب في احيان وتخطئ في احيان اخرى، وسط تشجيع الامهات وسخرية بقية افراد العائلة الذين يتخذون من تلك التجارب موضوعاً للسخرية والنكات مع الاقارب. ويبقى الاشقاء هم المتذمرون الرئيسيون وعامل الاحباط الاول للفتيات اللواتي يستثمرن العطلة لتعلم فنون الطبخ، فالشباب في العراق حتى المتزوجون بينهم، لا يستسيغون الطعام الا من ايادي الامهات. وتقول حلا حسن انها تعيش معارك صيفية ساخنة مع شقيقها احمد بسبب اعتراضه على اعدادها الطعام بدلاً من والدته. وتضيف: «أحاول تعويض والدتي عن متاعبها طوال السنة فأقوم باعداد الطعام لافراد العائلة اثناء العطلة لكن شقيقي يرفض تناوله، ويبدأ بالسخرية مني على رغم ان والدي نفسه يحب طعامي... او ربما يجاملني، لكنه على الاقل لا يتذمر». ويبدو الشباب في العراق اكثر تقبلاً للعطلة الصيفية من الفتيات كونها تتيح لهم نوعاً من التحرر من الالتزام الجامعي والدراسة وتفتح الباب واسعاً امام اللقاءات اليومية بالاصدقاء والسهرات الممتعة في المقاهي الليلية. كما انهم لا يعيرون اهتماماً كبيراً عند الافراط في الوجبات فالحركة الدائمة والتأخر في النوم يكفلان التخلص من السعرات الاضافية التي يتناولونها فضلاً عن عدم اهتمامهم بقضية الوزن الزائد مثلما تفعل الفتيات.