بحذر شديد تعاطت الساحة الحزبية في إسرائيل مع ادعاء ثري يهودي فرنسي بأنه حوّل قبل عشر سنوات مبلغ مليون يورو لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو لتمويل حملة انتخابية، فيما رأى خصوم نتانياهو السياسيون أن تورط نتانياهو في قضية فساد هو وحده القادر على زحزحته عن كرسيه الذي يبدو مضموناً لسنوات كثيرة أخرى في غياب منافس جدي له. في المقابل كرس الإعلام الإسرائيلي حيزاً من تقاريره أمس لهذه القضية. وكان المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت أوعز أول من أمس إلى مرؤوسيه بإجراء «فحص أولي» لإفادة الثري الفرنسي أرنو ميمران أمام محكمة فرنسية بأنه حوّل المبلغ المذكور لنتانياهو وأن الأخير لم يعده إليه. وجاءت إفادة ميمران على هامش محاكمته بتهمة النصب والاحتيال في باريس بمئات ملايين، إذ إنه هو أحد المتهمين الرئيسيين في قضية تتعلق بالاحتيال في ضريبة الكربون ينظر فيها القضاء الفرنسي. وتقدر قيمة عملية الاحتيال ب 283 مليون يورو. وخلال جلسة استماع، أكد ارنو ميمران انه قام في 2001، وفي شكل قانوني بتقديم مبلغ مليون يورو لحملة نتانياهو. ووفق ميمران فإنه قدم التبرعات «بصفة شخصية» الى «الحساب الشخصي» لرئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي. واعترف مكتب رئيس الحكومة بأن نتانياهو تلقى مبلغ 40 ألف دولار عام 2001 من ميمران عندما لم يكن قانون حظر التبرعات بمبالغ مالية كبيرة ساري المفعول وفي وقت لم يشغل فيه نتانياهو أي منصب عام وكان مواطناً عادياً (غاب عن الساحة السياسية بين منتصف العام 1999 حتى أواخر العام 2002). وأضاف أن المبلغ استُخدم لتغطية تكلفة نشاطات إعلامية مختلفة قام بها نتانياهو في أنحاء العالم من أجل إسرائيل، ووفقاً للقانون. ووصف المكتب ادعاء ميمران أنه حول مبلغ مليون يورو لنتانياهو لحملته الانتخابية على رئاسة الحكومة عام 2006 هو «كذب لا أساس له من الصحة. ميمران لم يمول أية حملة انتخابية لنتانياهو». وكشفت وسائل الإعلام العبرية أن ميمران يعتبر صديقاً حميماً لنتانياهو وسبق أن استضافه في باريس عندما كان نتانياهو وزيراً للمال (2003-2005). ورأى مراقبون أن نفي نتانياهو لا يعني إغلاق الملف وأنه في حال توافرت لدى المستشار القضائي أدلة أولية لشبهات باحتمال ضلوع نتانياهو في قضية فساد مالي، فإن المستشار قد يصدر تعليماته للشرطة بالشروع في تحقيق جنائي في الملف. ودعا محققون سابقون في الشرطة نتانياهو إلى إظهار كل الحقيقة حول علاقته بشخص متهم بارتكاب جرائم خطيرة. وقال أحد خبراء القانون للإذاعة العامة إن بيان نتانياهو يناقض نفسه، فمن جهة يقول إنه عندما تلقى المبلغ لم يكن في أي منصب عام، لكن من جهة ثانية يضيف بيانه أنه استغل المبلغ لنشاطات عامة لخدمة الدولة. وأردف أن علاقة نتانياهو بأشخاص متهمين بجنايات خطيرة تطرح استفسارات كثيرة حول سلوك رئيس الحكومة وطبيعة العلاقات بينهما وتستوجب توضيحاً تفصيلياً من نتانياهو نفسه، «وهذا الحد الأدنى المطلوب من نتانياهو». ويحظر القانون منذ العام 2006 على مرشح لرئاسة حزب تلقي تبرع من شخص واحد يتعدى 11 ألف دولار ويحتم عليه تبليغ «مراقب الدولة» بأي مبلغ تلقاه وإن لم يفعل يكون ارتكب جناية تبليغ كاذب عقوبتها السجن الفعلي». وطلبت النيابة العامة السجن لعشر سنوات ودفع غرامة قدرها مليون يورو ضد ميمران ومتهمين اثنين آخرين في القضية في باريس، علماً أنه يمثل حالياً ستة اشخاص فقط من أصل 12 أمام المحكمة. وصدرت مذكرات توقيف بحق الآخرين الذين يشتبه بفرارهم الى اسرائيل لتجنب المحاكمة.