تفتتح سويسرا اليوم النفق الأطول والأعمق للسكك الحديد في العالم، والذي يجتاز قلب جبال الألب، في أعجوبة هندسية تمثل رمزاً للوحدة الأوروبية في وقت يتزايد فيه الانقسام. والعمل على إنشاء نفق غوتهارد بيز البالغ طوله 57.1 كيلومتر استغرق 17 سنة، وصمم النفق لكي يستمر قرناً في إطار مشروع بنية تحتية بلغت كلفته 23 بليون فرنك سويسري لتسريع نقل الركاب والبضائع بالسكك الحديد أسفل سلسلة الجبال التي تفصل بين شمال أوروبا وجنوبها. ووصف مدير مكتب النقل الاتحادي بيتر فيجليستالر المشروع بأنه "رائع من حيث التوقيت والكلفة والسياسات" في الوقت المحدد وفي إطار الموازنة. وستنقل القطارات الفائقة السرعة الركاب في 17 دقيقة عبر ممر كان يستغرق أياماً حتى افتتاح النفق الأول للسكك الحديد في جبال الألب عام 1882. وسيجتاز 260 قطار بضائع و65 قطار ركاب النفق المزدوج يومياً فور أن تنتهي الاختبارات الأولية في وقت لاحق من هذا العام. وينظم السويسريون المولعون بالسكك الحديد احتفالاً بهذا الحدث يضم قادة من كل الدول المجاورة في استعراض للتضامن الأوروبي. وقال فيجليستالر عن الولع السويسري بالمآثر الهندسية الكبيرة: "إنه مجرد جزء من الهوية السويسرية. بالنسبة إلينا يعد غزو جبال الألب مماثلاً للاستكشاف الهولندي للمحيطات". ويقع النفق على امتداد الخط الرئيسي للسكك الحديد لأوروبا الذي يربط موانئ روتردام في الشمال بجنوى في الجنوب. ويمر النفق عبر الجبال لمسافة تبلغ نحو 2.3 كيلومتر تحت ضوء النهار وعبر صخور تصل درجة حرارتها إلى 46 درجة مئوية. وقضى خلال العمل على النفق ثمانية عمال، وتعيّن على المهندسين الحفر عبر 73 نوعاً من الصخور منها الصلب كالغرانيت، وبعضها في نعومة السكر. ودعم الناخبون السويسريون مشروع القطار الضخم في سلسلة من الاستفتاءات الملزمة أجريت في التسعينات على رغم معارضة في بعض الأحيان من الحكومة والبرلمان. وسيسافر 500 فائز إلى جانب ضيوف اختيروا من بين 130 ألفاً دخلوا مسابقة في رحلة الافتتاح الرسمية.