بدأت الاستثمارات في البنية التحتية تستقطب مستثمرين سويسريين خصوصاً في الدول النامية، وتُعتبر منطقة أميركا اللاتينية قسماً حيوياً منها. وثمة مشروع ضخم تنوي سويسرا المشاركة فيه، يحقق حلم الملايين من سكان أميركا اللاتينية. ويتمثل هذا المشروع ببناء نفق يخترق جبال الأنديز ويربط الأرجنتين وتشيلي معاً. ويشرف على هذا المشروع مصرف «كوربوراسيون أندينا» للإنماء، الرامي إلى ربط مدينة ميندوزا الأرجنتينية بمدينة لوس أنديز التشيلية، ما سيسهل الحركة التجارية بين دولتين مهمتين. ويتمثل المشروع ببناء سكة حديد بطول 205 كيلومترات، منها 52 كيلومتراً تخترق جزءاً من جبال الأنديز التي تعلو سبعة آلاف متر. ويستغرق مشروع الربط بين شعبين ودولتين ومحيطين، عشر سنوات تقريباً، وتتجاوز كلفته الإجمالية 3.5 بليون دولار، ويحتاج إلى استثمارات خارجية، ترى سويسرا فيها فرصة ذهبية للتوغل في أسواق أميركا اللاتينية النامية. يذكر أن طريقاً جبلية وعرة، ترتفع إلى نحو 3200 متر، تربط الأرجنتين بتشيلي. لذا سينجح النفق الجديد في تقصير مسافة السفر، ومضاعفة حركة التبادل التجاري بين البلدين. كما سيُحفر النفق في قلب جبال الأنديز على علو 2500 متر. وسيستغرق الانتقال من الأرجنتين إلى تشيلي وبالعكس نصف ساعة فقط. وفي المرحلة الأولى، سيُستعمل النفق لنقل السلع. ثم سيُخصص عدد من القطارات لنقل الركاب. البرازيل وباراغواي ورأى محللون سويسريون، أن المشروع لن يخلو من استثمارات سويسرية ضخمة، لأن مدّ سكك حديد بين الأرجنتين وتشيلي، يمثل عملية تحديث لوجيستية استثنائية لأميركا اللاتينية بكاملها، بما أن حركة التبادل التجارية ستتضاعف عشر مرات. وتُعتبر البرازيل وباراغواي أولى الدول اللاتينية المستفيدة من المشروع، كونها ستتحرك لبناء سكك حديد محلية، ستخولها إنعاش تجارتها في الدول الواقعة على المحيط الهادئ. إلى ذلك، تستعد شركة «أس بي بي» للقطارات الوطنية الأبرز في سويسرا، للتنافس مع شركات أوروبية أخرى بهدف الحصول على التراخيص الضرورية للانضمام إلى المشروع. ولا شك ستستفيد تشيلي كثيراً من الاستثمارات الخارجية، ومن ضمنها تلك السويسرية، لأنها الدولة الوحيدة التي لم تهزها بعد الأزمة الاقتصادية العالمية، في ظل بروز الاستقرار السياسي والاقتصادي فيها على الساحة الدولية. كما تراجعت درجة الفقر فيها من 45 إلى 15 في المئة منذ العام 1990. ويبلغ الدخل السنوي للعامل في تشيلي حالياً 25 ألف دولار، ما يضع هذه الدولة ضمن لائحة تضم تسع دول تتمتع بأحدث البنى التحتية الاقتصادية حول العالم. وبالنسبة لتشيلي وحدها، وبغض النظر عن مشروع ربط السكك الحديد مع الأرجنتين، يُلاحظ أن الاستثمارات السويسرية في الأعوام المقبلة ستتجاوز 10 بلايين فرنك سويسري في القطاع الكهرمائي وحده. ولن يتردد المستثمرون السويسريون أيضاً، عن الاستثمار في القطاع المعدني الذي سيستقطب استثمارات أجنبية تتخطى 70 بليون دولار مستقبلاً.