بدأ الرئيس الاميركي باراك أوباما في هانوي أمس، جولة تشمل فيتنامواليابان، يسعى من خلالها الى تعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية مع حلفاء في منطقة آسيا – المحيط الهادئ، في مواجهة صعود الصين. واعتبر أوباما أن زيارته مدينة هيروشيما الجمعة المقبل، والتي ألقت عليها الولاياتالمتحدة أول قنبلة ذرية في التاريخ، ستجسّد «تحوّل خصمين حليفين وثيقين». وسيمضي أوباما ثلاثة أيام في فيتنام، يجري خلالها محادثات مع قادتها، ويلقي خطباً ويلتقي شباناً في مدينة هو شي منه (سايغون سابقاً). والزيارة هي الثالثة لرئيس أميركي منذ انتهاء الحرب عام 1975، بعد زيارتَي بيل كلينتون وجورج دبليو بوش، علماً أن زعيم الحزب الشيوعي الفيتنامي نغوين فو ترونغ زار واشنطن في تموز (يوليو) الماضي. وتسعى هانوي إلى التقارب مع واشنطن، من أجل توجيه رسالة إلى بكين، وخفض اعتمادها على الأسلحة الروسية. وتأمل برفع حظر فرضته واشنطن على بيعها أسلحة أميركية، وشراء أجهزة مراقبة واتصال ورصد بحري. لكن بعضهم في الولاياتالمتحدة يحذر من قرار متسرع في هذا الصدد، من دون تنازلات حقيقية من النظام. وقبل ساعات من وصول أوباما، نظمت السلطات في فيتنام انتخابات نيابية حسم الحزب الشيوعي الحاكم نتائجها سلفاً، علماً أن السلطات رفضت ترشّح مستقلين ونجم لموسيقى البوب ومحامين. على رغم ذلك، يستعجل الجانبان التوصل الى تطبيق اتفاق للتبادل الحر عبر الاطلسي، وقّعته 12 دولة في المنطقة، تسعى إدارة أوباما عبره إلى منع الصين من «صوغ قواعد» التبادل التجاري في المنطقة. ثم يتوجّه أوباما إلى اليابان، للمشاركة في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى. وسيصبح أول رئيس أميركي يزور مدينة هيروشيما، يرافقه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي. وكانت القنبلة الذرية التي أُلقيت على هيروشيما في 6 آب (أغسطس) 1945 قتلت حوالى 140 ألف شخص، كما قُتل نصف هذا العدد بقنبلة نووية ضربت مدينة ناغازاكي في آب. واستسلمت اليابان بعد ذلك بستة أيام. ويعتبر منتقدون أن امتناع أوباما عن تقديم اعتذار، سيُمكّن طوكيو من مواصلة تصوير نفسها باعتبارها ضحية. لكن الرئيس الأميركي أصرّ على موقفه في هذا الصدد، إذ قال لهيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية اليابانية: «أن ندرك أن الزعماء خلال الحرب يتخذون كل أنواع القرارات، أمر مهم، وعلى المؤرخين أن يوجّهوا الأسئلة ويدرسوا ذلك». واستدرك: «أعلم، باعتباري شخصاً جلس في هذا الموقع على مدى سبع سنوات ونصف السنة، أن كل زعيم يتخذ قرارات صعبة جداً، خصوصاً في وقت الحرب». وأضاف: «أعتقد بأنها قصة سعيدة كذلك، كيف تحوّل خصمان سابقان إلى اثنين من أوثق وأقرب الحلفاء والشركاء في العالم». واعتبر أوباما ان «الوقت مناسب لكي أتأمل طابع الحرب»، وزاد: «جزء من هدفي هو أن أدرك أن الأبرياء يعانون بشدة في أوقات الحرب. وهذا ليس فقط من شؤون الماضي، هذا يحدث الآن في العالم». على صعيد آخر، حضت مستشارة الدولة في ميانمار أونغ سان سو تشي وزير الخارجية الأميركي جون كيري على منح بلادها «فرصة كافية» لتسوية مشكلة أقلية الروهينجيا المسلمة. وتظاهر مئات الشهر الماضي أمام السفارة الأميركية في يانغون، احتجاجاً على استخدام السفارة تعبير «الروهينجيا» في بيان أصدرته. وتعهد السفير الأميركي الجديد سكوت مارسيل مواصلة استخدام هذا التعبير، تطبيقاً لسياسة بلاده، علماً أن الولاياتالمتحدة التي تدعم دور سو تشي في قيادة التحوّل الديموقراطي في ميانمار، استغربت طلب سو تشي من مارسيل الامتناع عن استخدام تعبير «الروهينجيا». وينظر كثيرون من المواطنين البوذيين في ميانمار، بينهم أعضاء في حزب سو تشي وأنصارها، إلى الروهينجيا باعتبارهم مهاجرين غير شرعيين من بنغلادش. وقالت سو تشي: «التعبيرات العاطفية تصعّب علينا بشدة إيجاد حلّ سلمي ومنطقي لمشكلاتنا. كل ما نطلبه هو أن يدرك الناس الصعوبات التي نواجهها، وأن يمنحونا فرصة كافية لتسوية مشكلاتنا». وأجابت خلال مؤتمر صحافي مع كيري، رداً على سؤال في شأن تصريحاتها عن الروهينجيا: «ما نريده هو تجنّب أي تعبيرات تصبّ الزيت على النار. لم أكن أتحدث عن تعبير واحد محدد، بل عن كل التعبيرات التحريضية والتي تثير انقسامات أكبر». وأعلن كيري أنه ناقش مسألة الروهينجيا مع سو تشي خلال لقائهما، مستدركاً أنها مسألة «حساسة جداً» و»تثير خلافاً». وأضاف: «أعلم أنها تثير مشاعر قوية هنا. يجب التركيز على حلّ المشكلة، ما يحسّن الوضع على الأرض، لتعزيز التنمية واحترام حقوق الإنسان، لمصلحة كل من يعيشون في راخين (ولاية يقيم فيها الروهينيجا) وفي ميانمار بأسرها». وعرض كيري دعم بلاده الحكومة الجديدة في ميانمار، مستدركاً أن هناك «صعوبات مهمة» على البلاد التغلّب عليها، في طريقها إلى التحوّل من حكم عسكري إلى ديموقراطية كاملة. وناقش مع قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلاينغ تنفيذ مزيد من الإصلاحات السياسية. كيري الذي سينضم إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما في فيتنام اليوم، ربط تخفيف العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة على ميانمار بتحقيقها تقدّماً في العملية الديموقراطية.