ناقشت الحكومة المصرية أمس مسودة قانون لمكافحة الإرهاب، غداة تفجيرات وقعت أمام جامعة القاهرة قُتل فيها ضابط في الشرطة برتبة عميد وجُرح آخرون، فيما قتل مسلحون مجهولون أمس مجنداً في الشرطة في سيناء قرب مدينة رفح، بعدما أنزلوه من سيارة كانت تقله لقضاء إجازة اعتيادية وأعدموه رمياً بالرصاص ولاذوا بالفرار. وقال مصدر حكومي ل «الحياة» إن الحكومة ناقشت في اجتماعها أمس قانون مكافحة الإرهاب الذي سبق أن أرسلته إلى قسم التشريع في مجلس الدولة تمهيداً لإصداره وإرساله إلى رئيس الجمهورية الموقت عدلي منصور لاعتماده. وأوضح أن مجلس الوزراء الذي أنهى اجتماعه مساء قد يدخل تعديلات على المسودة. وكان اجتماع أمني ترأسه رئيس الوزراء إبراهيم محلب قرر «عرض التشريعات المتعلقة بمواجهة الإرهاب سواء من الناحية الإجرائية أو الموضوعية على مجلس الوزراء لاتخاذ إجراءات إصدارها». وأكد بيان عقب الاجتماع أن «الجماعات الإرهابية تحاول تعطيل خريطة المستقبل وتهديد المواطنين وترويعهم، وزعزعة استقرار الدولة، وإفشال العملية التعليمية، واستدراج قوات الشرطة للدخول في مصادمات قد تؤدي إلى سقوط شهداء وأبرياء واستغلال هذا الموقف داخلياً وخارجياً»، مشددا على «إصرار الحكومة على استكمال خريطة الطريق». ولاحظ أن «الوضع الأمني في تحسن مستمر في شكل عام». وشهدت الجامعات المصرية أمس هدوءاً ميدانياً، بعد يوم من التفجيرات قرب جامعة القاهرة. وخرجت في الجامعة مسيرات محدودة لأنصار جماعة «الإخوان المسلمين»، لكنها لم تسع إلى الخروج من الحرم الجامعي خشية الاشتباك مع قوات الشرطة التي تمركزت بكثافة أمام الجامعة وفي محيط ميدان النهضة القريب منها. وقال مصدر أمني ل «الحياة»: «ليست لنا رغبة في دخول حرم الجامعات، وعنف الإخوان لن يستدرجنا إلى مواجهات مع الطلبة». وظهر أن الطلاب من أنصار الإخوان لم يريدوا التصعيد أمس، إذ خرجت مسيرة من جامعة عين شمس إلى شارع الخليفة المأمون المطل على وزارة الدفاع بعد مناوشات مع الأمن الإداري، لكنها توجهت هذه المرة ناحية ميدان العباسية، متجنبة السير في اتجاه وزارة الدفاع، خشية حدوث اشتباكات تتكرر في شكل شبه منتظم. وفي جامعة الأزهر أيضاً ساد هدوء حذر حرم الجامعة ومدينتها الجامعية وسط انتشار أمني كثيف للشرطة. ودعا «تحالف دعم الشرعية» المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي إلى التظاهر اليوم وعلى مدى الأسبوع تحت عنوان «عاش نضال الطلبة» من أجل «دعم صمود الحركة الطلابية وفي مقدمها طلاب الأزهر». وقال في بيان إن «التحالف الوطني يؤكد أن العمليات القذرة التي تقوم بها سلطة التفجيرات لن ترهب مصر وثوارها، ولن توقف الحراك الطلابي والشعبي». وفي ما يخص التحقيقات في تفجيرات أول من أمس، استدعت النيابة الأمين العام لاتحاد طلاب كلية الهندسة في جامعة القاهرة عبدالرحمن عبدالناصر لسؤاله عن بيان للاتحاد حذر الطلاب من الوجود في محيط الكلية قبل وقوع التفجيرات. وقال عبدالناصر ل «الحياة» إن المحقق صرفه من مقر النيابة بعد أن أوضح له أن الاتحاد درج على إصدار هذه البيانات التحذيرية دورياً أيام الأحد والأربعاء من كل أسبوع، وهما يومان اعتاد «الإخوان» تنظيم تظاهرات فيهما غالباً ما تتحول إلى اشتباكات بين الطلاب والشرطة أمام كلية الهندسة. وأوضح أن أياً من طلاب الكلية لم يُعتقل على خلفية التفجيرات. وقال إن الطالب محمود العطار، وهو مندوب الدفعة الرابعة في الاتحاد، اعتقل على خلفية إضراب دعا إليه طلاب أحد أقسام الكلية بسبب توقيف زميلهم أحمد صلاح وفي حوزته دوائر كهربائية يستخدمها في مشروع تخرجه شك الأمن في استخدمها في تفجيرات. وأضاف أن طلاباً من كليات أخرى بينهم فتيات اعتقلوا أول من أمس على خلفية التفجيرات. من جهة أخرى، أعلنت «حركة شباب 6 أبريل» اعتزامها التظاهر في الذكرى السادسة لتأسيس الحركة الأحد المقبل. وقال منسق الحركة عمرو علي، في مؤتمر صحافي أمس، إن «الحركة تنأى بنفسها عن الصراع بين الدولة وجماعة الإخوان، ولن ننجر إلى العنف ضد الدولة»، تعليقاً على إعلان قوى مرتبطة بجماعة «الإخوان»، بينها «حركة طلاب ضد الانقلاب» التضامن مع «6 أبريل» في تظاهراتها. وأوضح أن الحركة ستطالب في تظاهراتها ب «الإفراج عن المعتقلين». على صعيد آخر (رويترز)، حضت جماعة «الإخوان» بريطانيا على عدم الإذعان للضغط الخارجي بإجراء مراجعة لوضع الجماعة بسبب مخاوف من احتمال وجود صلات بينها وبين أعمال عنف في أعقاب قرار مصر والسعودية اعتبارها منظمة إرهابية. وقالت الجماعة في بيان إنها ستتعاون مع السلطات بكل شفافية في المراجعة التي أمر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بإجرائها، لكنها ستطعن في «أي محاولة غير ملائمة لتقييد نشاطها» أمام القضاء البريطاني. وأضافت أنها تشعر بالقلق لأن المراجعة سيقودها السفير البريطاني في السعودية جون جينكنز. ورأى البيان الذي أصدره مكتب الجماعة الصحافي في لندن مساء أول من أمس، أن «من المهم ألا تنحني الحكومة البريطانية للضغوط من الحكومات الأجنبية التي يقلقها سعي شعوبها إلى الديموقراطية». وتابع أن «من الصعب تفهم الكيفية التي سيدير بها السير جون جينكنز مراجعة داخلية مستقلة للإخوان المسلمين ويواصل عمله كسفير لدى نظام... يتخذ موقفاً سياسياً معارضاً صراحة للإخوان». ورداً على سؤال عن سبب اختيار جينكنز، قالت ناطقة باسم كاميرون قبل أيام، إن السبب هو أن المراجعة ستتركز على نشاط الجماعة في المنطقة وليس مصر وحدها، وأن جينكنز له دراية عميقة بالشرق الأوسط. وطلبت الجماعة أن تشمل المراجعة ما وصفته ب «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في مصر». وقالت إن «على الحكومة البريطانية ان تحرص ألا تجعل من هذه المراجعة إقراراً بالأفعال الإجرامية التي يتواصل ارتكابها بحق الشعب المصري».