خلال أسابيع قليلة مقبلة، لن يقتصر بزوغ «الفجر» في مصر على مرة واحدة أسبوعياً، وهو ما كان يحدث طوال السنوات الخمس الماضية، وتحديداً منذ 4 حزيران (يونيو) 2005، لكنه سيتحول إلى ظاهرة يومية، وإن كان يتوقع أن يسبق الشمس في إشراقها كما هي الحال في دنيا اليوميات المصرية. صحيفة «الفجر» الأسبوعية المثيرة للكثير من الجدل منذ صدورها قبل خمس سنوات، قررت أن تتحول إلى يومية، وهو المسار الذي يراه كثيرون من أهل الصحافة في مصر تطوراً طبيعياً للمطبوعات الأسبوعية الناجحة. يقول رئيس تحرير «الفجر» الكاتب المخضرم عادل حمودة ل «الحياة» أنه «حتى سنوات قليلة مضت، كان الصحافي يمشي ومعه الخبر في جيبه ينشره في الوقت الذي يراه مناسباً، ثم جاءت الفضائيات لتغير الوضع تماماً. فلا مجال للانتظار». ويوضح حمودة أن الخبر الطازج الساخن الذي ينتظر عملية الطباعة في الصحيفة اليومية من الليل إلى صباح اليوم التالي يبرد ويفقد خواصه بهذا الانتظار الذي تحرقه برامج الفضائيات. «فما بالك بالصحف الأسبوعية التي تنتظر سبعة أيام بلياليها كاملة حتى تخرج بهذا الخبر الذي يتحول من انفراد إلى مادة مستهلكة»؟! وبالتالي، فإن تحول «الفجر» إلى يومية هو التطور الطبيعي للحركة الصحافية. فالصدور الأسبوعي لم يعد مناسباً لطرح الأخبار ونشرها، فهو أنسب للتحليل، وفرد مساحات أكبر للرأي. «الترتيب الحالي بحسب الأهمية في عالم الصحافة هو الفضائيات، تليها الصحف اليومية، ثم الأسبوعية. وللعلم، فإن بديل الإصدار الأسبوعي بالنسبة إلينا كان إصدار صحيفة على غرار «صنداي تايمز» مثلاً المشبعة بالموضوعات والتحقيقات، لكن المعضلة الرئيسية هي السعر، إذ سيكون سعرها ثلاثة أضعاف السعر الحالي، وهو ما لا يناسب القارئ المصري»، يقول حمودة. وعلى رغم زيادة عدد الإصدارات اليومية في السوق المصرية خلال السنوات الأخيرة، والصراع المحموم على كعكة القارئ المصري، فإن حمودة يرى أنه ما زال هناك لدى الصحف القومية قراء يمكن جذبهم، وهو ربما ما يعني أن حمودة يراهن في إصداره اليومي على قراء الصحف القومية أكثر من قراء الإصدارات الخاصة التي ترفع شعار الاستقلالية. الساحة الخبرية في مصر – التي هي مجال عمل المؤسسات الصحافية – تفرض أحياناً صيغاً بعينها في التعامل مع الأخبار. وكما يؤكد حمودة، فإن عملية إنتاج خبر صارت بالغة الصعوبة في ظل اعتناق المسؤولين عقيدة الصمت التام، وأحياناً عدم الإلمام بمجريات الأمور، بالإضافة إلى الطابع الشديد المحلية للأخبار. وإذا أضيف إلى كل ذلك المجهود الجبار الذي يتوجب بذله من أجل الخروج بخبر حقيقي يحوي معلومات من الداخل من شأنها أن تضايق الحكومة، فإن الغالبية العظمى من الأخبار أصبحت ردود فعل وليست أفعالاً. وينتقد حمودة بشدة الصحف التي تتباهى بأن لديها خبراً انفرادياً، «من الطبيعي أن تنفرد صحيفة بخبر، ومن غير الطبيعي ألا تنفرد بخبر. والحقيقة أن الانفراد لم يعد محله الخبر، بل التحقيق الصحافي». وعلى رغم الصولات والجولات الكثيرة التي جمعت بين حمودة من جهة والنظام ورموزه من جهة أخرى كطرفين متخاصمين بسبب كتاباته أو موضوعات صحافية نشرت في «الفجر» واعتبرت من جانب البعض تشويهاً لصورة النظام، أو مساً بسمعته، أو خوضاً في أسراره، فقد حصلت «الفجر» على موافقة المجلس الأعلى للصحافة قبل أيام بتحويل رخصتها من أسبوعية إلى يومية. هذه الموافقة تبرر حال النشاط المحموم الجارية حالياً في مقر «الفجر» الأسبوعية في حي المهندسين في القاهرة. يقول حمودة: «جاري العمل حالياً على التجهيزات الخاصة مثل المقر الجديد، وإعداد فريق العمل وغيرهما». وهو كذلك ينوي التفاوض مع قنوات فضائية عدة على عمل «تحالفات» معها بغرض التعاون في مجال الأخبار. وكانت «الفجر» استثنيت من الشروط التي اقترحها نقيب الصحافيين على المجلس الأعلى للصحافة، وهي التي تلزم أي إصدار جديد بإيداع سبعة في المئة من رأس مال الصحيفة المدفوع في أحد المصارف لتغطية أجور نحو 70 في المئة من العاملين المتعاقدين لمدة عام، وذلك في حال إفلاسها أو غلق أبوابها. كما تنص الشروط على أن تضم المطبوعات الجديدة عدداً من الصحافيين العاطلين من العمل. لكن لحسن حظ «الفجر» أن الشروط الجديدة تنطبق على الإصدارات الحديثة، لكن «الفجر» استوفت الشروط المنصوص عليها من قبل المجلس الأعلى للصحافة وتقدمت بأوراقها قبل إقرار الشروط الجديدة. تطبع «الفجر» حالياً نحو 80 ألف نسخة أسبوعياً، يباع منها في المتوسط بين 68 و70 ألفاً، بحسب ما يؤكد حمودة، الذي يسارع كذلك إلى الإشارة إلى أن توزيع «الفجر» أحياناً يتخطى حاجز ال120 ألف نسخة، كما حدث مثلاً في الأعداد التي انفردت فيها بنشر عقد تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، ووقائع محاكمة رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى (في قضية مقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم)... وغيرهما.