تغيير المفاهيم نستمع دوماً في حياتنا اليومية لتلك الإنجازات التي تتعدى حدود العقل والخيال، فمع تزايد العلماء المختصين وكثرة المنجزات العلمية وتسارع الكشف والاختراع التي تذلل الصعاب وتطوي مشاق الحياة وتحولها إلى رخاء وسعادة، فتلك الإنجازات ما هي إلا محصلة جهود وأفكار متصلة ومتتالية، فكأنما هي بناء شامخ يرسي أحدهم لبنته الأولى ثم تتابع السواعد لترفع جدرانه العالية، وتنعم الأجيال الجديدة بما أبدعه السلف من منجزات في ساحة الحياة الرحيبة، ولكن تغيرت مفاهيمنا للنقيض فتلك هي إبداعات أمتنا تظل شامخة على مر العصور، بل هم من أرسوا العلوم على ضفافها، وننسب رواسي تلك العلوم التي بنيناها لغيرنا، ونعجب من إنجازاتهم وتطورهم، أما آن لنا أن نفتخر بأنفسنا وعلمنا؟ ألم يحن الوقت لنقف في مصاف الأمم المتقدمة ؟! ما الذي ينقص أمتنا؟ إن تلك العقول تتسابق وتتقدم للوراء، بل مُلِئت بمفاهيم الحضارة الخاطئة بعيداً من الإسلام، وتحول التفكير للمادية البحتة، خصوصاً التعليم الذي يعتبر العماد في التقدم، ولكن لنرى فلذاتنا لا يتقنون لغتهم الأم بعيداً عن اللغات الأخرى التي أصبحت من متطلبات العصر، بل أصبح لدى كثير من المعلمين عدم الاهتمام من شيمهم المعهودة، فكم من أناس مبدعين اندثرت مواهبم بل صارت هماً ووبالاً عليهم. لا أعلم أين الأسلوب؟ أين طرق التعامل مع الطلاب؟ أين كل تلك المهارات التي عهدوها في دراستهم التي ذهبت أدراج الرياح؟ ذهب تفكيرنا المستقبلي ونظرتنا البعيدة وأصبحت رؤيتنا لا تتعدى الغد، ألم نفكر ليوم بأن الصغار سيحملون راية الوطن، ذاك النشء الذي ربيناه على قيم وسلوكيات ذات أصل وتطبيق خاطئ، كيف لنا أن نتقدم وهذه حالنا؟ ساد لدينا تلوث لامس الثقافة والحضارة، بل حدود الأدب والاحترام التي ترتقي بها الأمم، لتسمع من الصغير قبل الكبير شتى العبارات البالغة في الفحش، فذاك هو الطريق يحكي لنا حاله، وكلما نظرت لحالنا هلت الأحزان، فما وجدت كلمات لامست الفؤاد وعبّرت عن خفقات القلب إلا كلمات «محمود غنيم»: سل المعالي عنا إننا عرب / شعارنا المجد يهوانا ونهواه هي العروبة لفظ إن نطقت به / فالشرق والضاد والإسلام معناه استرشد الغرب في الماضي فأرشده / ونحن كان لنا ماضٍ نسيناه أحمد محمد كشحة - المدينةالمنورة [email protected] تقصير الإنسان عندما جلست أتأمل ما وصل إليه حال بعض البشر وظهورهم بصورة لا يتصور أنها تنطلي على المخلوق المكرم بعقله، والمميز بفطرته، وما اتسع بفكره وتأمله، إلاّ وتجد في حرية فكره افتئاتاً على بني جنسه وعلى باقي المخلوقات، بسلوكيات جانبها العبث والضرر وأساء لغيره، المقصود هنا مظاهر انحراف بعض البشر عن المسلك الطبيعي لما وجب أن تكون عليه رسالتهم في الحياة، إلا أننا نجد هذا الانحراف في سلوك هؤلاء بات واقعاً مستقراً، وهو في وجهة نظر الكثيرين قاعدة تقوم عليها المصالح وتؤسس عليها دعائم مملكة آمالهم التي يرغبون في الوصول والرقي إليها على حساب الآخرين، ما يدل دلالة واضحة على أن من بين جنس البشر من ضل طريقه نحو رسالته التي وجد من أجلها، وهذا يخالف مطلب الله عز وجل تجاه عباده، وما تلك الانحرافات السلوكية والمعاصي إلاّ لانهماك الكثير من البشر في الشهوات، واللهو والغفلة والعبث تجاه نفسه قبل عبثه بالآخرين، وما ذلك إلاّ بسبب إعراض القلوب عن الآخرة وغفلتها عن ذكر الله، وعدم الاستعداد للقائه. فعندما نتأمل نجد أن جميع المخلوقات على سطح الأرض في حال تعايش مع بعضها البعض من دون أن يكون بينهم عداءً يُهلك ويُدمِر مثلما فعل بعض البشر ببني جنسهم، وما قدموه ويقدمونه حتى الآن من دمارِ ينشأ عن الصراعات المستمرة من أجل البقاء، وينشأ أيضاً من إزالة كل ما يمثل إعاقة لتقدمه ورقيه في حياته التي خططها لنفسه، وهذا في تصوره الخاطئ، سواء كانت تلك المعوقات من بني جنسه، أو من باقي المخلوقات التي تشاركه الحياة على سطح الأرض، ما جعل للإنسان أكبر الأثر عن غيره من باقي المخلوقات وترتب جراء أفعال البعض الكثير من الآثار السلبية، لهذا أتساءل: هل قصَّر الإنسان في رسالته من دون مخلوقات الله؟ محمد جلال البدرماني - الرياض [email protected]