تداولت النساء أخيراً قصة شهيرة من التراث، تروي أن امرأة ذهبت إلى أحد القضاة تشتكي له زوجها الذي كان يعضّها وكأنها فريسته.. وطلبت من القاضي أن يجد لها حلاً ليخلصها مما هي فيه، لأنها لم تعد تطيق على ذلك صبراً... فلما سأل القاضي الزوج عن سبب فعلته، قال: إنما كنتُ أطبّق قول الله تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن)! وعظوهن في الآية الكريمة تأتي من «الوعظ» وليس من «العض» كما فهم الزوج المفترس. لا أعلم مدى صدق الحكاية وان كنت لا أستبعد حدوثها مطلقاً، ففي مؤتمر عن العنف الأسري عقد في مدينة أبها قام احد المشاركين في المؤتمر وأفاد مشكوراً «بأن للزوج حق صفع زوجته إذا ما قامت بشراء عباءة تتعدى قيمتها ألف ريال» - بحسب الخبر المنشور - وأضاف: «إذا أعطى رجل زوجته 1200 ريال (320 دولاراً) فأنفقت منه 900 ريال (240 دولاراً) على شراء عباءة من متجر فاخر، وصفعها زوجها رداً على ما قامت به، فإنها تستحق هذا العقاب». وأثارت تصريحات أحد المشاركين ضجة في ندوة كانت تقام عن «منع العنف الأسري»، فإذا كنا نسمع مثل هذا الكلام من البعض علناً وفي مؤتمر يناقش العنف وكيفية القضاء عليه فلماذا نستغرب إذاً أن يترجم الرجل «العضّاض» معنى الآيات الكريمات بالمنهجية نفسها وبأسلوب التفكير نفسه! قبل أشهر عدة ضربت زوجة زوجها، وقامت حينها الدنيا ولم تقعد مع اتهامات للرجل المضروب بأنه ليس رجلاً لأنه سمح لزوجته أن تضربه وتتطاول عليه و «تهزئه» واعتبرها البعض جريمة شنيعة تستوجب إيقاع اشد أنواع العقوبات بالزوجة على رغم أن كثيراً من الزوجات يضربن يومياً ولا نسمع توبيخاً أو تجريماً أو حتى استنكاراً لأسلوب الضرب نفسه كسلوك غير حضاري يلجأ إليه الفاشل الذي لم يتمكن من زرع احترامه وتقديره في قلب زوجته، لذلك لم يجد إلا أسلوب الضرب فهو يتحدث بمفرده بلا صوت ولا يحتاج إلى منطق! في مؤتمرات توعوية كتلك أتمنى معرفة الخلفية الفكرية لكل ضيف قبل استضافته حتى لا يكون كلامه كمن يرغب في تكحيلها فيعميها! هل سمع أحد أن قدوتنا الحبيب رسول الله محمداً بن عبدالله قام يوماً بضرب زوجاته الكريمات أو أحداً من خدمه؟!.