اللوبي الأرمني في الولاياتالمتحدة كبير وقوي وله نفوذ واسع، وهو أقوى ما يكون في كاليفورنيا إلاّ أن له وجوداً في كل ولاية أميركية، وقد حاول هذا اللوبي على امتداد عقود، (ومعرفتي به تعود الى بداية الثمانينات) أن يحمل الكونغرس الأميركي على إصدار قرار يعتبر أن موت الأرمن على أيدي الأتراك سنة 1915 إبادة جنس، إلاّ أن اللوبي الأرمني فشل مرة بعد مرة لأنه، رغم قوته، لم يكن نداً لقوة لوبي اسرائيل الذي انتصر دائماً لتركيا. غير ان الحكم في تركيا انتقل الى حزب اسلامي يدافع عن الفلسطينيين في قطاع غزة ويبني جسوراً مع دول المنطقة، بدل أن يكتفي بجسر مع الغرب أغلق في وجه تركيا باستمرار، فكان ان لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي أصدرت في 4 آذار (مارس) الماضي قراراً يعتبر ما أصاب الأرمن إبادة جنس. والآن جاء أسطول السلام ليعمق القطيعة بين لوبي اسرائيل في الولاياتالمتحدة وتركيا، وبعد ان كان اللوبي الرسمي إيباك ورابطة مكافحة التشهير (باليهود) حليفين دائمين لتركيا أصبحا على عداء معلن معها. ما سبق يؤكد ما أعرف والقارئ العربي جيداً، فأنصار اسرائيل في الولاياتالمتحدة، وتحديداً رموز المحافظين الجدد، ليسوا أميركيين وإنما هم طابور خامس اسرائيلي يدمر سمعة أميركا ومصالحها حول العالم ويدفع شباب أميركا الى الموت في بلاد بعيدة لخدمة استراتيجية اسرائيلية هي استعمار جديد. أكبر كذبة في التاريخ هي اسرائيل، فهي لم تقم يوماً كما في الخرافات التوراتية، والموجود الآن دولة فاشستية تحتل أراضي الفلسطينيين وتقتل وتدمّر. وأكبر كذبة سياسية معاصرة هي ان مصالح أميركا واسرائيل متماثلة، لا مجرد متشابهة، أو بعبارة أخرى أنها أول حليف لأميركا في الشرق الأوسط، أو أنها الديموقراطية الوحيدة في المنطقة. اسرائيل ليست حليفاً بل عدو كل مصلحة أميركية، وأنصارها يحمون فاشست اسرائيل ويثيرون عداوة 1.2 بليون عربي ومسلم وهم يقدمون عليهم مصلحة ستة ملايين لص. واسرائيل لا يمكن أن تكون ديموقراطية وحكومتها تريدها بلداً لطائفة واحدة ما يحرم كل طائفة دينية أو اثنية أخرى حقوقها، ثم يطالب وزراء بطرد أصحاب الأرض من بلادهم. والآن عندنا مثل تركيا، فأنصار اسرائيل في الولاياتالمتحدة انقضوا عليها فور خلافها مع اسرائيل، والى درجة تذكّر مجزرة الأرمن، والى درجة المطالبة بطرد تركيا من حلف شمال الأطلسي. تركيا بلد هائل اسمه الآخر آسيا الصغرى، وهو يمثل خاصرة الناتو ودرعه الجنوبي. وبما ان الاتحاد السوفياتي سقط ولم يعد هناك خطر يواجه الغرب من شمال أوروبا أو شرقها، فإن الخطر الباقي هو من الجنوب والجنوب الشرقي حيث تركيا خط الدفاع الأمامي للحلف. مع ذلك يطالب أنصار اسرائيل الليكوديون بطرد تركيا من الناتو لأنهم لا يعملون لأمن أوروبا أو أميركا، وانما لمصلحة اسرائيل وارهابها. المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي (الإسرائيلي لا الأميركي) زعم ان تركيا تملك معلومات حساسة عن الإرهاب وإيران، وأصدقاؤها هم: ايران وسورية وحماس والبرازيل، ما يعني خطر إفشاء أسرار تكنولوجيا الأسلحة الغربية. هذا هو الفجور بعينه لأن اسرائيل باعت تكنولوجيا الأسلحة الأميركية الى الصين وغيرها في قضايا ثابتة، ثم تُتَّهم تركيا في المستقبل. ودانيال بايبس الذي يرأس الآن مركزاً ليكودياً كرر الدعوة الى طرد تركيا من الناتو. أما «ناشونال ريفيو» الناطقة باسم المحافظين الجدد ففيها كل يوم تقريباً مقال أو أكثر ضد تركيا. وايليوت ابرامز، وهو من أحقرهم، كتب أخيراً مقالاً يهاجم أوباما، مع تركيا، لأنه لا ينتصر لإسرائيل. أستطيع أن أقدم قائمة كاملة بأسماء أشهر أعضاء عصابة المحافظين الجدد، وما كتبوا في الأسابيع الأخيرة ضد تركيا، أو ضد الرئيس أوباما الذي منع ادانة اسرائيل في مجلس الأمن وكوفئ بحملة عليه، كأن العصابة تريد منه أن يدين شهداء أسطول السلام. وربما زدت عليهم الآنسة ليز تشيني التي أسست مع وليام كريستول، رئيس تحرير «ناشونال ريفيو» منظمة جديدة اسمها «ابقوا أميركا آمنة» والطريق مهاجمة إيران، وهو ما دعا اليه أبوها ديك تشيني أيضاً. هؤلاء المتطرفون الإسرائيليون هم الذين دعوا الى حرب على العراق، وظلوا يدعون اليها فأدّت الى موت مليون عراقي. وهم اليوم ضد تركيا وضد العرب والمسلمين دائماً، ومع كل حرب تقتلهم لخدمة البلد النازي الجديد الوحيد الباقي في العالم اليوم. [email protected]