مراجعات متكررة وطلبات اجازة مرضية لا تنتهي تلك التي تشهدها المستشفيات الرئيسة في بغداد منذ انطلاق بطولة كأس العالم، فجميع المراجعين من الموظفين يطالبون الأطباء بإجازات مرضية يستثمرونها في مشاهدة المونديال، بينما يلجأ آخرون الى اخذ اجازات قصيرة لساعتين او ثلاث، قبل انتهاء الدوام ليتمكنوا من متابعة المباريات التي تبدأ في الثانية والنصف بعد الظهر، بتوقيت بغداد. وعلى رغم التوجيهات التي اصدرها مديرو المستشفيات والمراكز الصحية الرئيسة، بعدم منح الاجازات المرضية للموظفين، الا في حالات قصوى مؤكّدة، يدّعي موظفون كثر الإصابة بأمراض مختلفة، معدية بخاصة، كي يحصلوا على اجازة مرضية لأسبوع أحياناً، من دون اجراء الفحوص اللازمة للكشف عن تلك الأمراض. ومنذ مطلع العام، لجأ بعض الموظفين الى توفير رصيد كاف من الاجازات العادية والمرضية، كي يستثمروها في موسم المونديال ومتابعة المباريات كاملة. وفي المقابل، وافق مديرون على مطالب موظفيهم بجلب تلفاز الى مكان العمل لمتابعة المباريات، بينما اعتبر آخرون هذا الإجراء هدراً للوقت وتشجيعاً للتسلية واللهو، ما اضطرهم الى مواجهة الواقع ومنح الموظفين اجازات مرضية أو قصيرة لتلافي الأمر. اما اصحاب محال اللاقط الفضائي (الدِش) فقد فتح لهم المونديال باباً جديداً للرزق، إثر تشفير القنوات الرياضية التي تنقل الألعاب مباشرة، ما اضطر العائلات المتابعة الى اقتناء بطاقات لفك التشفير لضمان المتابعة. وانعش المونديال الى جانب ذلك جيوب اصحاب المولدات الكهربائية الذين رفعوا اسعار الكيلوواط الذي تستهلكه العائلات العراقية في ساعات المباراة، فضلاً عن اشتراك عائلات عراقية بمبالغ اضافية، بعد الاتفاق مع اصحاب المولدات الاهلية لضمان عدم انقطاع التيار الكهربائي اثناء المباريات. ويبقى الأطفال والنساء من ربات المنازل اللواتي لا يثير المونديال انتباههن، ضحايا لأحداث الكرة التي حرمت الأطفال من متابعة برامجهم المفضّلة، لا سيما اولئك الذين لا تتمكن اسرهم من اقتناء جهاز آخر. اما النساء فيشكين من تزايد وجبات الطعام نتيجة جلوس الأزواج في المنزل، ومطالبتهم زوجاتهم بإعداد وجبات خفيفة اضافية وتناولها اثناء المباريات مثل بعض انواع الحلوى والمكسرات والمشروبات والوجبات الخفيفة. فالازواج من اصحاب المهن الذين كانوا يقضون معظم اوقاتهم في العمل ويتناولون طعام الفطور والغداء خارج المنزل في اوقات استراحتهم، قلصوا ساعات العمل وباتوا يتابعون الألعاب في المنازل مثقلين الزوجات بطلباتهم، فضلاً عن مشكلات جانبية تشكو منها الزوجات اثناء عرض المباراة، عند خسارة فريق ما، إذ يبدأ الازواج بالصراخ ويختلقون المشكلات مع العائلة، ويدّعون ان البيت ليس هادئاً بما فيه الكفاية لمتابعة المباراة. ويلجأ بعض الازواج الى المقاهي العامة التي بدأت تستقطب مشجعي الفرق العالمية منذ اليوم الأول للمونديال.