لفت مقرر الأممالمتحدة الخاص بالحق في الصحة داينيوس بوراس في الجزائر، إلى غض النظر في شكل واسع ازاء العنف ضد النساء والأطفال في هذا البلد الذي عانى خلال 10 سنوات من الحرب، في حين رفضت الحكومة الجزائرية تلك الانتقادات، التي وصفها مسؤول في هيئة حقوقية تتبع الرئاسة ل «الحياة» بأنها «سطحية». وقال بوراس الذي أمضى أسبوعين في الجزائر: «هناك إرث من التسامح إزاء بعض أشكال العنف في بعض الظروف ضد بعض المجموعات والقطاعات من السكان». وأشار خلال مؤتمر صحافي إلى غض نظر واسع لدى المجتمع «إزاء العنف ضد الأطفال والنساء». ورأى أن العنف الذي شهدته الجزائر خلال «العشرية السوداء» كما يطلَق عليها محلياً، التي جرت في تسعينات القرن الماضي سببت «صدمة عميقة لم تُعالَج بعد بالطريقة المناسبة». وأكد المسؤول الدولي أن العقاب الجسدي «ما زال مقبولاً في الأسرة والسجون»، مشيراً إلى أن الضحايا يستحقون الحماية وليس العقاب، ووفق احصاءات رسمية فإن 9 آلاف شكوى تقدمت بها نساء تعرضن للعنف في العام 2015، بينما يؤكد مختصون أن هذا الرقم لا يمثل الواقع بما أن الكثير من النساء لا يتقدمن بشكوى خشية النظرة السلبية للمجتمع لهن لا سيما في المحافظات البعيدة من العاصمة والمدن الكبرى. وأقرّ البرلمان الجزائري في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، تعديلات جديدة في القانون تعاقب بسجن الرجل الذي يمارس العنف الجسدي والمعنوي ضد المرأة حتى وإن كان زوجها. وقال مسؤول في اللجنة الإستشارية الجزائرية لحماية حقوق الإنسان (تتبع الرئاسة) ل «الحياة» إن ملاحظات المقرر الدولي «سطحية»، لافتاً إلى أن «موافقة الجزائر على دخول مقرري لجان الأممالمتحدة كان دليلاً منا على صحة قوانيننا لكن الملاحظات تبدو سريعة واعتمدت آراء غير محايدة». وأثارت تعديلات قانونية جديدة، أعطت الحق للمرأة في ملاحقة زوجها قضائياً في حال اعتدى عليها جسدياً، خلافاً حاداً بين نواب ينتمون إلى 5 أحزاب إسلامية من جهة، ووزير العدل الجزائري الطيب لوح من جهة أخرى، إذ اتهم الإسلاميون الحكومة ب «الإنسلاخ تدريجياً عن الشريعة الإسلامية»، بينما رد الوزير لوح: «لا نقبل هذه الإتهامات الباطلة لأننا أبداً لا نشرّع لتفكيك الأسرة». وقد تعيد ملاحظات مقرر الأممالمتحدة طرح جدل إيديولوجي عنيف، كلما مهدت الجزائر لتعديلات تمس قانون الأسرة ووضع المرأة في المجتمع. واتهم نواب إسلاميون الحكومة ب «ضرب الشريعة عرض الحائط»، ما أدخل وزير العدل في حالة غضب هستيري تحت قبة البرلمان. وضمّ القانون الجديد مواد تقر حماية الزوجة من الاعتداءات المتعمدة التي تسبب لها جروحاً أو عاهة أو بتر أحد أعضائها أو الوفاة مع إدراج عقوبات متناسبة مع الضرر الحاصل للضحية. كما ينص مشروع القانون على استحداث مادة لتجريم أي شكل من أشكال التعدي أو العنف اللفظي أو النفسي أو المعاملة المهينة. وصادق البرلمان الجزائري بالغالبية على مشروع القانون الجديد رغم طعن نواب محسوبين على المعارضة في توافقه مع الشريعة. وشكك نواب تكتل الجزائر الخضراء (3 أحزاب إسلامية) و «جبهة العدالة والتنمية» و «البناء الوطني»، في جوهر المشروع بسبب «تنافيه مع مبادئ وثقافة المجتمع الجزائري».