قال الناشط في الحزب الديموقراطي ذو الأصول الفلسطينية سابا شامي إنه يدعم مرشح حزبه بيرني ساندرز (والذي ينافس هيلاري كلينتون على الترشيح للانتخابات الرئاسية) لمواقفه المعتدلة من القضية الفلسطينية، ورأى سابا أن الانتخابات الأولية في ولاية كاليفورنيا هي التي ستحسم أيهما سيفوز بالترشح عن الحزب الديموقراطي؟ سألناه هو العضو في الحزب منذ ما يزيد عن ثلاثين سنة ومع ذلك يدعم ساندرز الذي انضم إلى الحزب الديموقراطي مؤخراً وقالت عنه كلينتون إنه ليس ديموقراطياً صميماً. أجاب أن ساندرز كان يمثل اليسار داخل الحزب الديموقراطي من دون أن يكون عضواً فيه، ثم أن كلينتون في بداياتها كانت تنتمي إلى الحزب الجمهوري مثل والدها. ثم إن جرأة ساندرز تقدمية جداً في ما يتعلق بعلاقات الولاياتالمتحدة مع العالم، وهو معروف بالتزاماته الأخلاقية الثابته غير المتقلبة، فهو يصرح بمواقفه المقتنع بها وليس إرضاء لطرف أو آخر، فيما مواقف كلينتون تاريخياً لم تكن ثابتة. وحول موقف ساندرز من القضية الفلسطينية قال شامي إنه ليس داعماً أو مناصراً لكنه يعتقد بأن من مصلحة إسرائيل الوصول إلى قواسم مشتركة مع الفلسطينيين قبل أن تصبح في المنطقة بؤرة متقدمة لإمبريالية جديدة تدعم أنظمة قمعية تتوافق مع مصالح اليمين الإسرائيلي المتطرف. ساندرز يؤيد اليسار داخل إسرائيل وفي العالم العربي. ولقد اعترف بأن التأييد الذي حصل عليه من الجالية العربية ومن المسلمين في ولاية ميشيغان كان أساساً في نجاحه هناك. وحول عدم حضور ساندرز أمام «الإيباك»، قال: لم يرغب في ذلك لأنه لا يتماهى مع مواقف الإيباك ولأنه لم يرد أن يكون محل استهزاء من مجموعة كبيرة من اليهود الأميركيين المؤيديين في شكل مطلق لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. ويرى ساندرز أن كلاً من كلينتون وترامب حضرا أمام الإيباك لأسباب انتهازية. وحول فرص فوز ساندرز على كلينتون في الترشيح قال إن مؤتمرات الحزب تحمل الكثير من المفاجآت. من يدري؟ قد تمرض هيلاري كلينتون أو قد تقرر ألاّ تستكمل مشوارها، هذه حالات إنسانية تحدث أحياناً. وعن الدعم المالي لحملة ساندرز قال إنه حصيلة تبرع الملايين، ولو قسم المبلغ الذي جمع على 3 ملايين شخص، فالناتج هو 27 دولاراً للشخص. هذا هو معدل التبرع، ساندرز لم يحصل على تبرع من أشخاص بمبالغ كبيرة 100 ألف دولار مثلاً، ترمى دفعة واحدة في حملات دعائية. بالعكس أعتقد بأن أهم شيء في أي حملة انتخابية هو القدرة على إيصال الفكرة إلى الناس من خلال الإعلانات ومن ثم النشطاء على الأرض ثم تقديم التبرعات لمناسبات مختلفة داخل الحزب الديموقراطي، لدعم الماكينة الحزبية وبناء ثقة الناس بالحزب، أما الإعلام فيجب أن يكون مجاناً. بالنسبة إلى حجم أموال التبرعات الضخمة التي حصل عليها في حملته، فالسبب هو جدية المشاركة الشعبية فأعداد الحضور في مهرجاناته الخطابية تراوحت بين 15 ألفاً و20 ألفاً، وهذا أمر غير مسبوق في الانتخابات الأميركيه. والمتبرعون أعمارهم ما بين ال 18 - 30 سنة وهذا يعلل المبالغ الكبيرة التي حصلت عليها حملة ساندرز الانتخابية من التبرعات، بسبب الأعداد الكبيرة لمؤيديه وليس حجم الأموال، فمعظم هؤلاء ليسوا من الطبقة الغنية، ربما أشخاص قليلون تبرع كل منهم بما بين ألف دولار أو 10 آلاف دولار. وعن القول بحتمية ترشيح هيلاري كلينتون باسم الحزب الديموقراطي يرى شامي أنها إذا حصلت كلينتون على ترشيح كل الحزب بكل مكوناته سيدعمها ساندرز وسيكون مدفوع الثمن أي يجب أن تلتزم بعض مواقفه التي يعتبرها أساسية، ساندرز سيطلب منها خفض سقف تأييدها اللفظي لإسرائيل، سيقول: «كلنا مؤيد لإسرائيل لكن يجب أن نعطي العرب شيئاً مما يتوخون من هذه الحملة الانتخابية حتى لا يشعروا بالغبن. وستكون هناك مفارقة تاريخية أن يضغط مرشح يهودي على مرشحة غير يهودية بأن تكون أقل تزلفاً لإسرائيل». وهل ينسحب ساندرز مقابل وعد بشغل موقع - على سبيل المثال - وزيراً للخارجية؟ يجيب: إن ساندرز غير معني بتبوؤ أي منصب، لأنه يعتبر نفسه كسيناتور ناطق باسم اليسار الأميركي أهم من أي موقع يمكن أن يشغله، إلا في حال شعوره أن كلينتون ستمنحه كامل الصلاحية لتنفيذ أفكاره السياسية في العلاقات الخارجية وهذا مستبعد، وساندرز أيضاً لن يلتزم مواقفها كما التزمت هي مواقف الرئيس أوباما، ولن تقبل كلينتون أن يشترط ساندرز أو يملي السياسات الخارجية. لكن كلينتون تبدو غير منسجمة مع السياسة الحالية للإدارة الأميركية؟ يجيب: كلينتون تتظاهر بذلك، وأعتقد بأنها مهندسة هذه الضبابية في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط لأسباب عدة، أهمها: إرضاء الإسرائيليين، فعلى سبيل المثال عندما كان الموقف الإسرائيلي لا يريد قلب نظام الحكم في دمشق لأسباب أمنية كانت إسرائيل مرتاحة (فالمعركة تجري على أرض لبنان)، ولكن عندما ذهب الجو العام في المنطقة في اتجاه استقطاب سني - شيعي وتغير الموقف الإسرائيلي، اختلفت سياسات كلينتون وفقاً لمصلحة إسرائيل. كل الطاقم الذي كان يعمل معها مؤيد لمواقف إسرائيل بل يتبناها. هل يقبل ساندرز بأن يخرج حوالى 35 في المئة من المندوبين من دون أن يؤيدوا مرشح الحزب «الديموقراطي»؟ يجيب: المسؤولية ملقاة على ساندرز وكلينتون معاً. كيف يستطيع الحزب الذهاب إلى الانتخابات «الرئاسية» من دون أن يكون الحزب منشقاً علناً، الحزب اليوم منشق ولكن ليس إلى درجة كبيرة، فهناك منصّتان لأن مواقف ساندرز متطورة كثيراً تجاه القضية الفلسطينية، الإشكالية هي التمويل الضخم من الجهات المؤيدة للخط الصهيوني، لقد تم ضخ حملة كلينتون بعشرات الملايين من الدولارات من أشخاص مغالين في تأييدهم لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو. وبالتالي كلينتون ستكون أسيرة لهؤلاء؟ هل ترى أن الورقة الأقوى بيد كلينتون هي ورقة المرأة؟ يجيب: ربما تحصل على 60 في المئة من أصوات النساء اللواتي يشكلن 52 في المئة من الشعب الأميركي. عندما ترشح أوباما دعمه الأميركيون السود بهدف إيصال رجل أسود للرئاسة للمرة الأولى. وهناك أميركيات يفكرن اليوم بأنه طالما أصبح لدينا رئيس أسود لماذا لا يكون لدينا امرأة رئيسة (لأن المرأة لم تحصل على الرئاسة في أميركا). هل تتوقع حدوث انشقاق في الحزب الديموقراطي كما حدث في الستينات من القرن الماضي في شيكاغو بسبب تنافس متقارب النتائج للفوز بترشيح الحزب؟ يجيب: لن يتكرر ما حدث في شيكاغو، فإذا حصلت كلينتون على أصوات 50 في المئة +1 من المندوبين فإنها تكون قد انتصرت وفازت بالترشح عن الحزب، ولا تحتاج إلى ساندرز من الناحية العددية. وفي حال لم يحدث بينهما اتفاق ورفضت تبنّي أي بند من برنامجه فإنها ستعتذر له وستقول له أنت حر. لكنها ستشعر بأن أجنحة وتيارات كثيرة داخل الحزب ستمتعض من موقفها، لذلك أنا على يقين من أنها ستصل مع ساندرز إلى اتفاق ما كي تنال رضا الجميع ويحافظ الحزب على صورته المتماسكة. وماذا لو قال ساندرز في خطابه إنه لم يتوافق مع كلينتون في مسائل أساسية من شعارات مهمة في حملته الانتخابية؟ سيقول إنه لم يتوافق معها وإنه يعطي جمهوره من الناخبين الحريه بالذهاب حيث يشاؤون التأييد، وهذا نوع من التحريض على عدم تأييدها، ولكن في حال التوافق سيدعو مندوبيه ومن لم يحضر من الناخبين إلى دعمها مرشحة للحزب الديموقراطي، ربما يجلس ساندرز مع كلينتون قريباً لبحث القواسم المشتركة بينهما وما يريد منها أن تتبناه. متى سينسحب ساندرز؟ لا أتوقع أن ينسحب قبل كاليفورنيا المحطة الأخيرة للانتخابات الأولية في حزيران (يونيو) المقبل.