كشف مؤشر ثقة الشركات السعودية بالاقتصاد المحلي عن تراجع الثقة بشكل طفيف في الاقتصاد إلى 99.8 نقطة مقارنة ب 100.7 نقطة في الربع الثاني، إذ إن الشكوك المتزايدة في قوة الاقتصاد العالمي جراء أزمة الديون السيادية لمنطقة اليورو وعدم استقرار أسعار النفط خلال الشهرين الماضيين، أثرا سلباً في ثقة مديري الشركات السعودية بالاقتصاد المحلي، لأنهم باتوا أكثر حذراً في توقعاتهم بشأن الأداء المالي لشركاتهم، واستراتيجياتها الاستثمارية وخططها التوظيفية ومعدلات نمو الإقراض المصرفي. غير أن مؤشر الثقة الذي يصدره البنك السعودي الفرنسي أوضح أن معظم الذين استُطلعت آراؤهم خلال الدراسة أعربوا عن ثقتهم بقدرة الاقتصاد المحلي على النمو، مشيراً إلى أن 98 في المئة من المديرين التنفيذيين الذين استُطلعت آراؤهم، وعددهم 793 مديراً، توقعوا أن تؤثر أزمة الديون الأوروبية سلباً في الاقتصاد السعودي ومناخ العمل خلال الربعين المقبلين، إلا أن 23.7 في المئة منهم فقط قالوا إن أزمة منطقة اليورو ستؤثر «بشكل كبير» في الاقتصاد المحلي، وقال 74.5 في المئة من المديرين إن تأثير الأزمة الأوروبية سيكون طفيفاً أو معتدلاً. وأشار إلى أن قيمة صافي الأصول الخارجية للمملكة البالغة 1.55 تريليون ريال، تمنحها احتياطات نقدية هائلة تستطيع الاعتماد عليها في تمويل مشاريعها التوسّعية عند اللزوم. ورفع التقرير معدل نمو الناتج الإجمالي للقطاع العام في عام 2010 إلى 4.6 في المئة، وهذا هو أعلى معدل من نوعه منذ 13 عاماً، وتوقّع أن يبلغ معدل نمو الناتج الإجمالي الحقيقي للقطاع الخاص 3.7 في المئة. وأوضح تقرير أعده كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون اسفيكياناكيس، أن تراجع أسعار النفط بعدما تجاوزت ال 80 دولاراً للبرميل في آذار (مارس) ونيسان (أبريل) والشكوك في تعافي الاقتصاد المحلي بالسرعة التي كانت متوقعة، دفعا المديرين التنفيذيين للشركات السعودية إلى تعديل استراتيجيات شركاتهم. وأوضح أنه على خلفية التوقعات بأن أسعار النفط ستتراجع، «انخفض عدد الشركات السعودية الواثقة بأن مبيعاتها ستزداد خلال الربعين المقبلين، إذ يعتقد نحو 53.8 في المئة من الذين استُطلعت آراؤهم أن مبيعات شركاتهم ستزداد خلال هذه الفترة، بينما بلغت هذه النسبة في الربع الثاني 88.6، ويعتقد 35.8 في المئة أن مستويات مبيعات شركاتهم لن تتغير خلال الأشهر الستة المقبلة». وحول الإقراض المصرفي، كشف الاستطلاع أن توقعات المديرين التنفيذيين لا تزال متواضعة بشأن إمكان تحسّن الإقراض المصرفي خلال الربعين المقبلين، بل ارتفعت نسبة المديرين الذين وصفوا الإقراض المصرفي بأنه «رديء» من 41.5 في الربع الثاني إلى 46.5 في الربع الثالث، في حين توقّع أكثر من ثلث المديرين التنفيذيين أن يعود الإقراض المصرفي إلى مستواه الطبيعي خلال الأشهر الستة المقبلة». وأضاف أن المستثمرين عادوا مجدداً إلى اتباع سياسة تلافي المخاطر، إذ يرى 48 في المئة من المديرين التنفيذيين أن الاحتفاظ بالأصول المالية سيكون أفضل من الاستثمار في السندات المالية أو العقارات أو الأسهم، في المدى المتوسط. ويعكس هذا الارتفاع الحاد في هذه النسبة التي بلغت 11.9 فقط في الربع الثاني القناعة السائدة، بأن أسعار العقارات والأسهم قد تتراجع أو قد تظل ثابتةً خلال الشهور المقبلة. وارتفعت إلى 49.3 في المئة نسبة المديرين التنفيذيين الذين توقعوا أن يزداد معدل التضخم في الربعين المقبلين في مقابل 37.5 في المئة الربع الثاني، بينما توقع 34.4 في المئة منهم أن ينخفض معدل التضخم. وبسبب الظروف الخارجية غير المشجعة، بدا المديرون التنفيذيون السعوديون أكثر حذراً في توقعاتهم المتعلقة بالأداء المالي لشركاتهم، إذ تراجعت نسبة الذين توقعوا أن تزداد عائدات شركاتهم خلال الربعين المقبلين من 88.6 في المئة الربع الثاني، إلى 53.8 في المئة الربع الثالث. وامتد حذر الشركات السعودية إلى استراتيجياتها التوظيفية، ومع أن جميع الشركات التي استُطلعت آراؤها استبعدت تسريح أيٍ من العاملين لديها في الأشهر الستة المقبلة، إلا أن نسبة الشركات التي أفادت بأنها لن توظف عاملين جدد في المستقبل القريب ارتفعت من 10.4 في المئة خلال الربع الثاني، إلى 27 في المئة خلال الربع الثالث. وتوقعت نسبة كبيرة من شركات المملكة بلغت 48.9 في المئة توظيف عاملين جدد خلال الربعين المقبلين في مقابل 61.2 في الربع الثاني، ويعكس هذا التوجه الإيجابي ثقة الشركات السعودية في مقومات الاقتصاد المحلي الذي يشهد إنفاقاً عاماً سخياً لضمان التقدم السلس نحو إنجاز مشاريع البنية التحتية الرئيسية، على رغم استمرار الإقراض المصرفي الضعيف. ومع أن معدلات نمو الإقراض المصرفي أصبحت حالياً أعلى مما كانت عليه في العام الماضي وفي الربع الأول من العام الحالي، إلا أن معظم المديرين التنفيذيين لا يستبعدون إمكان رفع أسعار الفائدة خلال الربعين المقبلين، إذ توقع 36.7 منهم أن ترتفع هذه الأسعار بأكثر من عشر نقاط أساس في مقابل 24.7 في المئة خلال الربع الثاني، وتوقع 14.8 في المئة منهم زيادات بأكثر من 20 نقطة أساس، في مقابل 13.7 في المئة في الربع الثاني. وخسر قطاع العقارات أيضاً موقعه كأفضل خيار استثماري، إذ توقع 61.3 في المئة من المديرين التنفيذيين أن تنخفض أسعار العقارات خلال الربعين المقبلين من 31.9 في المئة فقط خلال الربع الثاني، في حين تراجعت نسبة الذين توقعوا أن ترتفع أسعار العقارات إلى 14.8 في المئة في الربع الثالث من 24.7 في المئة الربع الثاني. وأكد أنه على رغم هذه التخفيضات الطفيفة، فإن الوضع المالي للمملكة لا يزال قوياً، وقد تتمكن المملكة من خفض صافي الدين العام المحلي في العام الحالي إلى 13 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، بعدما بلغ 16 من إجمالي ناتجها المحلي في العام الماضي.