للوهلة الأولى، يُخيل إلى زائر معرض بغداد الدولي للكتاب في دورته الثانية، وأمام مشاركة كبيرة لنحو مئة وخمسين داراً للنشر، عربية ومحلية، أنه في مهرجان ثقافي نوعي، على صعيد إنتاج الكتب ونشرها. ولكن ما إن يبدأ في التجوّل بين أروقة المعرض «الدولي»، حتى يكتشف ثغرات فنية وإدارية، سبقت افتتاحه وخيبة أمل خصوصاً في ما يخصّ الإقبال على اقتناء الكتب. يوم الافتتاح، حضر مسؤولون حكوميون وأعضاء في البرلمان العراقي ووقفوا خلف نوري المالكي، رئيس الحكومة، وهو يقص شريط المعرض. وعلى غير العادة، لم يقرأ المالكي خطاباً في المناسبة، إذ كان من المعتاد، أن يستغل أي مناسبة برعايته للظهور الإعلامي. ويبدو أن المعرض لم يكن لافتاً بالنسبة إليه، فاكتفى بالتجول واقتناء الكتب. وما إن فرغ الافتتاح من بروتكولاته الرسمية، حتى راح أصحاب دور النشر يواجهون «مصاعب» تحول دون نجاح عملهم. ويقول مشرفون على معارض دور النشر، إنهم لاقوا صعوبات كبيرة في إنجاز التحضيرات المطلوبة. ويقول ممثل إحدى الدور العراقية: «وجدنا المكان المخصص للعرض من دون رفوف (...) بينما رزم الكتب، تغطيها الأتربة، وكان من الصعب فرزها عن بعضها بعضاً». امّا مشاركة الجناح البريطاني فتأخرت بسبب مشكلات لوجستية وإدارية، كما يقول، مدير المبيعات. ويقول إداريون في المعرض إنّ دوراً عربية قررت عدم المشاركة في الدورة الحالية، بعد مشاركتها في الدورة الأولى، العام الماضي، ومنها دور مصرية. وتواجه دور العرض، أيضاً، احتمال تكبد خسائر مالية، بسبب قلة الإقبال على شراء الكتاب، إضافة إلى الرسوم المفروضة على الدور. ويتوجب على الدار دفع سبعين دولاراً لكل متر مربع، ومصاريف أخرى تتضمن استئجار رفوف للعرض، وتكاليف نقل الكتب إلى موقع العرض. وقال ممثلون عن دور نشر عربية، إنهم سيعودون إلى بلدانهم، ومعهم كميات كبيرة من المطبوعات، كان من المتوقع أن تجد طريقها إلى المستفيدين في العراق. وفي المقابل، حرصت دور النشر المشاركة في المعرض، على التنوع في تقديم الكتب، ولكن هذا لم يمنع أن تكون المطبوعات التاريخية والفكرية، الأكثر رواجاً، حتى مع الإقبال الضعيف. وجددت بعض الدور المصرية، وأبرزها «الشروق»، اهتمامها، بأحداث الثورة المصرية على غرار ما حدث في الدورة الأولى، فيما اهتمت الدور اللبنانية بالكتب الأدبية، وحازت روايات القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية، على قسط وافر من العرض. إلاّ أنّ عدداً من تلك الدور جعلت الكتب الدينية، في صدارة ما تعرضه، وفي بعض الأحيان لا تعرض غيره، كما في «دار الأعلمي - لبنان»، و«دار الإرشاد - لبنان». لكنّ دوراً أخرى، كما «الدار العربية للعلوم -ناشرون»، و«دار الفارابي»، و«الفكر المعاصر»، قدمت عناوين أدبية وتاريخية، إلى جانب كتب السير والمذكرات. شاركت الدور المحلية بكثافة وعرضت مطبوعاتها المختلفة، لكنّ بعض مسؤولي المبيعات قالوا إن الإقبال لم يرقَ إلى مستوى المعارض «الدولية»، وإنه لا يختلف كثيراً عما يشهدونه في شارع المتنبي، حيث تقع مراكز مبيعاتهم الرئيسة. لكنّ اتحاد الناشرين العراقيين، يرى أن المعرض هو «برنامج ثقافي متميز»، وأنه يكرر نجاح الدورة الأولى، التي أقيمت العام الماضي. وكان من المعتاد، أن تنظم ندوات عن الكتاب وصناعته، على هامش نشاطات المعرض، لكنّ اللافت أن من بين تلك الأنشطة اليومية، حلقات نقاشية بدت «خارج الموضوع».