انخفض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي في شكل غير مسبوق اليوم (الأحد)، ليصبح أقل ب 13 مرة عما كان عليه قبل بدء النزاع منذ أكثر من خمس سنوات، وفق ما أوضح محللون اقتصاديون. وقال المحلل الاقتصادي فراس حداد: «واصل الدولار ارتفاعه منذ ثلاثة أسابيع في شكل غير مسبوق ليصل سعر صرفه إلى 625 ليرة سورية في السوق السوداء»، في وقت حدد المصرف المركزي سعر صرف الدولار ب 512 ليرة. ووفق حداد، فإنها «المرة الأولى التي يرتفع فيها الدولار إلى هذا المستوى منذ بدء النزاع» منتصف آذار (مارس) 2011، حين كان الدولار يوازي 48 ليرة سورية. وتزامن هذا الارتفاع كما قال حداد، «مع بدء العمليات العسكرية في مدينة حلب»، موضحاً أن «الأسباب لم تعد تتعلق بالوضع الاقتصادي أو موارد الدولة كما كانت عليه الحال في السنوات الأولى للنزاع». وشهدت مدينة حلب في شمال البلاد خروقاً كبرى لاتفاق وقف الأعمال القتالية الذي بدأ تطبيقه في مناطق عدة نهاية شباط (فبراير) الماضي بموجب اتفاق روسي - أميركي. وقتل في الفترة الممتدة بين 22 نيسان (أبريل) إلى 5 أيار (مايو) أكثر من 300 شخص نتيجة قصف قوات النظام للمدينة. ونتيجة ضغوط أميركية - روسية، أعيد الخميس الماضي العمل بهدنة موقتة في المدينة لا تزال صامدة. وذكر مراسل «فرانس برس» في الأحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في حلب، أن سعر صرف الدولار بلغ اليوم 620 ليرة غداة وصوله إلى 650 ليرة، لافتاً إلى انعكاس ذلك ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والسلع. وأضاف أن سعر كيلو البندورة ارتفع من 200 إلى 300 ليرة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة وكذلك ليتر البنزين الذي بلغ اليوم 450 ليرة بعدما كان بحدود 400 ليرة. ونقل الإعلام السوري الرسمي عن حاكم مصرف سورية المركزي أديب ميالة الأربعاء الماضي، قوله إن التراجع الأخير كان «نتيجة حتمية لتصاعد العمليات العسكرية في حلب». وفي مطلع العام الحالي، حدد المصرف المركزي سعر صرف الدولار ب 290 ليرة في حين كان بحدود 390 ليرة في السوق السوداء. ولكن سعر الصرف ارتفع في بداية نيسان الماضي إلى 442 ليرة في السوق الرسمي مقابل 500 ليرة في السوق السوداء. وعزا حداد السبب إلى «المضاربات في السوق السوداء التي تتحكم للأسف بأسعار الصرف»، مضيفاً أنه «من الصعب إيجاد آلية تحكّم بسعر الصرف حالياً في وقت لم تؤدّ جلسات التدخل التي يعلن عنها المصرف المركزي النتيجة المرجوة منها». في المقابل، اعتبر المحلل الاقتصادي جهاد اليازجي رئيس تحرير النشرة الاقتصادية الإلكترونية «سيريا ريبورت»، أن «هذا معناه بوضوح أن الاحتياطي جف». وأعلن البنك الدولي في 20 نيسان (أبريل) الماضي، انهيار احتياطي المصرف المركزي من العملات الأجنبية إذ تراجع من 20 بليون دولار (17 بليون يورو) قبل النزاع إلى 700 مليون دولار (616 مليون يورو). وأعلن المصرف المركزي في بيان نشرته «وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا) اليوم، أنه «يسعى جاهداً وبكامل كوادره للدفاع عن سعر صرف الليرة السورية»، مؤكداً «جاهزيته لتلبية كامل حاجة السوق من القطع الأجنبي مهما بلغت». وذكرت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطات اليوم، نقلاً عن مصادر مصرفية أن «المصرف المركزي سيعقد اجتماعاً غداً مع شركات الصرافة لتقييم الوضع الحالي ودراسة أسباب الارتفاع الأخير». ونقلت عن مدير إحدى شركات الصرافة المرخصة أن «المركزي توقف عن تزويد شركات الصرافة بالدولار بقصد البيع للمواطنين، بعد أن تبين أن قسماً كبيراً منهم تحولوا للمتاجرة به وبيعه للسوق السوداء لتحقيق مكاسب نتيجة فرق السعر الكبير».