لملمت الأوراق الثبوثية المطلوبة لتسجيل ابنتي في المدرسة، وضعتها في ملف حرصت على أن يكون لونه أخضر، وفي الصباح جهزت ابنتي التي ما انفكت ومنذ قرابة الشهر تسألني يومياً: متى سيبدأ التسجيل بالمدرسة؟ فهي ما أن سمعت من زميلاتها بالروضة بأنهم ذهبوا للمدرسة، وسجلوا وعملوا المقابلة الشخصية، حتى أخذت تصوغ الأسئلة التي من المتوقع طرحها عليها أثناء المقابلة، وشرعت في التدرب على الإجابة عنها. إلى أن جاء ذلك اليوم الموعود، وبدأ التسجيل في المدرسة، ذهبتُ معها والفرح يغمرها، فالحلم الذي طالما تمنته أوشك على التحقق، وعند وصولنا إلى المدرسة تفاجأت بورقة معلقة على الحائط الخارجي للمدرسة تفيد بأن التسجيل قد انتهى بالأمس لاكتمال العدد. وهنا انتابني شعور قلق ممزوج بالخوف على مستقبل ابنتي، فحاولت تجاهل ما كُتب على الورقة واستجمعت شجاعتي ودخلت المدرسة وابنتي في قمة السعادة، وهي ترى للمرة الأولى ما تظنها أنها ستكون مدرستها، والتي ستمضي بها ست سنوات دراسية مليئة بالجد والاجتهاد. دخلت وأنا أحمل بيدٍ الملف الأخضر، الذي نظنه نحن معشر السعوديين الشرط الأساسي لقبول أي طلب أو معاملة حكومية، حتى بات علامة فارقة لنا، واليد الأخرى ممسكة بيد ابنتي التي خشيت على مشاعرها من الصدمة المرتقبة، وما أن رأتني مسؤولة التسجيل حتى بادرتني بالقول بأن التسجيل قد انتهى، وأن عليّ الذهاب بها إلى المدرسة الأخرى في البلدة، التي تبعد كيلومترات عدة عن مقر سكني، وحاولت شرح أسباب تفضيلي لهذه المدرسة عن سواها، وفي مقدمها قربها من سكن العائلة، ولكن من دون جدوى، فطاقم التسجيل رفض سماعي، وأخذ الملف مني، مع تقديمهن لي عميق أسفهن لذلك. المديرة بدورها أبدت أسفها الشديد، معللة أسباب رفضها بأن «المناهج مطورة، ولا نستطيع أخذ أعداد كبيرة في الفصل الواحد، ناهيك عن الزحام الشديد في الفصول، الناتج عن دمج المدارس بعضها ببعض، للتخلص من المباني المستأجرة». سؤالي هنا لوزارة التربية والتعليم: ما فائدة المناهج المطورة التي ستحد من قبول أبنائنا وبناتنا في المدارس؟ وما فائدة التخلص من المدارس المستأجرة والاكتفاء بالمدارس الحكومية التي لا تستوعب أبناءنا وبناتنا؟! ناشطة اجتماعية ومدربة في التنمية البشرية