أقلعت طائرات الهليكوبتر الزراعية من مدرجها بالقرب من مدينة بابل الأثرية لتتجه مباشرة إلى غابات النخيل التي تحيط بمدينة الحلة وهناك بدأ الطيار ينخفض بطائرته إلى أدنى مستوى ممكن ليبدأ برش المبيدات الزراعية لمكافحة الحشرات التي فتكت بأشجار النخيل خلال السنين السابقة، لكن بعد أيام من العمل المضني المليء بالحماسة والمحفوف بالأخطار بدأت معنويات الطيارين بالتدني. عمليات المكافحة الجوية لحشرتي الدوباس والحميرة التي تصيب النخيل جاءت هذا العام وسط تفاؤل كبير بين أصحاب البساتين اثر إعلان وزارة الزراعة عن استيراد طائرات زراعية حديثة ومبيدات فعالة لمكافحة الحشرات التي أدت إلى تدني إنتاج التمور في العراق إلى نسب غير مسبوقة بعد ان كانت البلاد تحتل المرتبة الأولى بإنتاج التمور في العالم. الا إن تفاؤل المزارعين سيذهب هو الآخر أدراج الرياح بعد أن تكشفت فضيحة المبيدات الزراعية التالفة التي استوردتها وزارة الزراعة هذا العام. يقول حسان الطوفان عضو مجلس محافظة بابل (وهو برلمان محلي يتمتع بصلاحيات رقابية واسعة) إن المبيدات المستخدمة منتهية الصلاحية وفاقدة لفاعليتها في القضاء على الحشرات. الطوفان كشف عن وثائق تشير إلى إن دائرة الزراعة في بابل خاطبت رسمياً وزارتها بعد أن اكتشفت ان المبيدات منتهية الصلاحية إلا إن مسؤولاً رفيع المستوى في الوزارة أمر بالاستمرار باستخدام المبيدات ثم حضر شخصياً من بغداد الى بابل ليتأكد من تنفيذ أوامره. وتشير الوثائق الرسمية إلى إن المبيدات الزراعية هي من نوع «دورسبان» و«دسين» وقد أنتجت في كانون الأول (ديسمبر) من العام 2007 وانتهت صلاحيتها منذ خمسة أشهر. ويبدي عدد من المزارعين تفاؤلاً بأن تنجح عمليات المكافحة الجوية هذا العام في عودة محصول التمور الى مستوياته السابقة خاصة بعد تأكيدات الوزارة على جودة المبيدات المستخدمة، لا سيما وان طيارين عراقيين يقودون الطائرات الزراعية الحديثة، إذ ان الطيارين الأميركيين الذين تولوا عمليات المكافحة خلال السابقة السابقة أخفقوا بسبب عدم انخفاضهم إلى المستويات المطلوبة لنجاح المكافحة نتيجة تخوفهم من إسقاط طائراتهم بأعمال مسلحة وعدم مبالاتهم بما يؤول اليه نخيل العراق بحسب المزارعين العراقيين. وعلى رغم ان العام الماضي شهد قيادة الطائرات من قبل طيارين عراقيين إلا ان قِدم الطائرات العراقية حال دون إتمام المهمة بالشكل المطلوب وما زال أصحاب بساتين النخيل يترقبون إطلالة الطائرات الزراعية على بساتينهم بشوق كبير بحسب ما يؤكد مزارع بابلي. اليوم باشر العراقيون المهمة عبر مروحيات تابعة للجيش. وتجوب هذه الأيام طائرات الهليكوبتر سماء بابل على ارتفاعات منخفضة جداً لتضمن فعالية المكافحة للحشرات، ولكن بمبيدات تالفة لا تقتل الحشرات بل ربما أضرتها بحسب خبراء في المنطقة رفضوا ربط ما جرى بفساد إداري ومالي لكنهم لم ينفوه.