روى المدير العام للتوعية العلمية والفكرية في وزارة الشؤون الإسلامية الدكتور ماجد المرسال، تجاربه مع غلاة حاورهم فعادوا بعد تحريرهم من شبه شتى، وهي نماذج لم ينشرها في بحثه. كما حكى ل «الحياة» قصة كتابه «النذير»، الذي خصها بعرضه قبل طرحه للنشر. وقال: «من بداية الأحداث في المملكة والجميع يتحدث عن شبهات الغلاة، وأنها سبب رئيس من أسباب نشأة الغلو والعنف في المملكة وكانت هناك جهود طيبة ومحاولات للرد على الشبهات من جهات كثيرة، لكن على بعضها ملحوظات مهمة جعلتها غير مؤثرة. من أبرز هذه الملحوظات أن بعض هذه الردود عامة في تحريم تكفير المسلم أو قتله بغير حق أو قتل المعاهدين بغير حق فإذا قرأه الغلاة قالوا نحن لا نخالف في ذلك ونرى أن تكفير المسلم أو قتله أو قتل المعاهد بغير حق حرام ولا يجوز لكننا نكفر ونقتل بحق ثم يذكرون لك الشبهات التفصيلية المتعلقة بالنواقض والتي لا يقنع فيها الكلام في التأصيل العام والردود العامة من دون مناقشة المسائل التفصيلية». ووثق أن «بعض الردود تتفق مع الغلاة في تقرير أصولهم المتطرفة وتؤصل تكفير الحكومات ووجوب مقاتلة الكفار لكن تخالف الغلاة في التوقيت، وأن اختيار التوقيت لا يوافق قاعدة المصالح والمفاسد، وهناك ردود أخرى ترد بأسلوب مثير على استهداف بعض الرموز العلمية أو الدعوية أو حتى الجهادية ووصفهم بأبشع الأوصاف ويغفلون عن المناقشة العلمية للشبهات ما يجعلهم يرسخون الشبهات أكثر ويدفعون أصحابها إلى التمسك بها بسبب الاستفزاز». وأضاف: «أشرعت في جمع الشبهات والرد عليها بتوجيه من الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ قبل خمس سنوات وبلغت إحدى وثلاثين شبهة مؤثرة في نشأة الفكر المغالي. ومنهجي في الرد تضمن العرض الموضوعي الموجز للشبهة من دون أي إخلال أو تشويه لها ثم تفكيكها وبيان ما فيها من الخطأ بالأدلة الشرعية والعقلية والواقعية وتأصيل المسائل تأصيلاً علمياً واضحاً وأكثرت النقولات عن العلماء على صحة ما جاء من ردود وتأصيلات شرعية. وافتتحت الكتاب بفصل عنونت له ب (تساؤلات مشروعة) لأن هذه التساؤلات لا تأتي غالباً من الغلاة وإنما من المتعاطفين معهم الذي يرون أن مجرد الرد على الشبهات هو مداهنة للحكومات ويدخلون في النيات والمقاصد ونحو ذلك». أما أطرف من راجع الكتاب فقال عنهم: «كثير من العلماء والمختصين ذكرت بعضهم في مقدمته بل عرضته على بعض الشباب الذين تم الافراج عنهم في قضايا الفكر المتطرف، وذكروا أن هذه الشبهات فعلاً هي التي أوقعتهم في التطرف وأن الردود مقنعة جداً، وذكروا بعض الملحوظات أخذت في الاعتبار ومنها طلبهم زيادة الأدلة والتفصيل في بعض المسائل المتعلقة بالجهاد وفعلت ذلك». أما أبرز النماذج الذي استوقفته في جهده في المناصحة، الذي أسهم في إثراء كتابه، فكان بينها، كما روى: يتوب عن العمليات الانتحارية حصل ذات مرة أن قابلت أحد الموقوفين ممن لهم باع طويل في نشر أفكار القاعدة والمشاركة في أعمالها خارج المملكة في عدد من الدول وتربطه علاقة شخصية بقيادات التنظيم والمنظرين له من أمثال أبي محمد المقدسي وذكر لي أنه يبغضني في الله وأنه يقرأ لي من خلال ما ينشر لي في وسائل الإعلام وسألته عن ملاحظاته على ما أذكر فقال إنه غير صحيح وأن الأدلة الشرعية تخالفه وذكر مثالاً على ذلك العمليات الاستشهادية، وقال إنها جائزة بالإجماع وأنت تقرر تحريمها وأنه لا يحرمها إلا مداهن للنظام مخذل للمجاهدين فقلت ابن باز وابن عثيمين يريان تحريمها فقال إنهما ممن أضلوا الناس في هذا الباب وخالفوا الإجماع وداهنوا النظام، فسألته هل اطلع على كتابات المنظرين للقاعدة كأبي محمد المقدسي فأجاب بالإثبات وأنه اطلع عليها بل درسها وشرحها في معسكرات القاعدة في أفغانستان فقلت ما رأيه في العمليات الاستشهادية؟ فقال إنه يرى جوازها فقلت له وإن أثبت لك أنه يرى تحريمها وأن ليست من الوسائل المشروعة للقتال إلا استثناء وأنه أنكر على الزرقاوي توسعه فيها في العراق؟ فطلب إثبات ذلك من كتب المقدسي وحينما تم اثبت ذلك من كتب المقدسي تفاجأ وتراجع عن رأيه مما يدل على تعصب وهوى. ومرة تمت مناصحة أحد الموقوفين وذكر أنه لن يتراجع عن قوله لأنه قابل بعض المناصحين ولم يقنعوه، وكان يقول إن ولي أمري الملا محمد عمر وأن قيادة المملكة كافرة خارجة عن ملة الإسلام لا بيعة لها ولا سمع ولا طاعة وكانت شبهته في الانضمام للمنظمات الدولية وحينما بحثنا معه المنظمات الدولية وتكييف وضعها في التشريع الإسلامي وأنها إنما هي نوع من المعاهدات، وبينا له التحفظات السعودية على ما يخالف الشريعة بالتفصيل عجب من تضليل كتب الغلاة وتجاهلهم لهذا التأصيل ولتحفظات المملكة وأعلن توبته ورجوعه عن مذهب الغلاة وأن ولي أمره هو خادم الحرمين الشريفين. تنازل عن «الخلافة» بعد نقاش آخر كان يرى عدم جواز صحة تعدد الدول الإسلامية وأنه لا بد من إقامة خلافة واحدة فذكرت له كلام العلماء في ذلك وأنها إذا حصل تعدد الولايات صحت ولاية كل سلطان في بلده، فكأنه لم يقتنع كثيراً فقلت له إن قادة تنظيم القاعدة يرون صحة إمارة البغدادي في العراق وصحة إمارة ملا عمر في أفغانستان وأن كل واحدة مستقلة عن الأخرى وأنهم لما سئلوا عن ذلك قال بصحة تعدد الولايات إذا وقع، فاقتنع تماماً وتراجع. تأخر عليه المهدي المنتظر فتوسوس! وآخر تمت مناصحته كان يرى أن المهدي سيخرج في السابع عشر من رمضان عام 1425ه ويرى أنه سيقوم بإسقاط النظام، يقول فسجنت قبل رمضان بأشهر وبقيت أنتظر السابع عشر من رمضان وأتحسس الأخبار كلما سمعت صوتاً ظننت أنه خبر بخروجه حتى انتهى رمضان ولم يتغير شيء مما ولد لديه بعض الشكوك بعد ذلك في صحة أحاديث المهدي كردة فعل وأصابته بعض الوساوس والشكوك في بعض أصول الشريعة. أقر بخطأ موقفه بواسطة حديث «ثقيف» ذكرت لأحدهم ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم لثقيف في الطائف وإيذاءهم له وأنه لما رجع عرض ملك الجبال مع جبرائيل أن يطبق عليهم الجبلين العظيمين بمكة فقلت للموقوف ماذا لو كنت معه ماذا ستقول في حق من آذوا نبياً وليس رجلاً مسلماً فحسب؟ فقال أقول لملك الجبال لا يكفي أن تطبق عليهم جبلين خشية نجاة بعضهم من الجانبين وإنما أطبق عليهم أربعة أو ستة حتى لا ينجو منهم أحد. قلت له هل ترى أن موقفك أصوب من موقف النبي صلى الله عليه وسلم الذي عفا عنهم ورجى أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئاً، فأقر أن موقفه موقف عاطفي لا موقف شرعي. وبذلك حكم عليه بالبطلان.