شهدنا حالات انقطاع الكهرباء عن أحياء بكاملها أو جزء من الحي، بأسباب مختلفة أهمها العطل في المحطة، أو زيادة الأحمال، أو أشياء لا نعرفها، وبالنسبة للمنازل، وثلاجات المنازل، والأطعمة التي فيها، والأدوية التي في ادراجها، يعرف كل إنسان أن يقيس مدى الضرر ومدى فساد طعامه أو شرابه ودوائه. الشوارع التجارية لا تخلو من البقالات، المطاعم، والصيدليات، ويحدث أن يستمر انقطاع التيار لساعات عدة، تكون كفيلة بإفساد أي منتج مبرد كالدجاج واللحوم وغيرها، أو طعام جاهز موضوع في برادات المطاعم، وفضلاً عن الفساد الذي يسببه الحر الشديد الذي نعرف جميعاً انه واقع معاش مهما قيل ويقال عن القياس في السيارات وغيرها، فهناك الفساد الذي يسببه إعادة التبريد لشيء كان بارداً أو مجمداً ثم ذاب، فضلاً عن ان التذويب في هذه الحالة قسري، ولم تتبع فيه الخطوات الصحيحة. طبعاً لا يمكن مطالبة البلديات بمصادرة بعض الأغذية بعد كل عملية انقطاع للكهرباء، لأن ذلك عملياً مستحيل، وهو أيضاً أمر لا يمكن طلبه من شركة الكهرباء فهو ليس عملها، أنه ببساطة أمر منوط بنا، أو بسكان الحي المتضرر، ثم هو منوط بالتاجر، ولأن معظم المتاجر الصغيرة والمطاعم مملوكة فعلياً للأجانب، لا يمكننا مخاطبة التاجر، ولا نتوقع أن يتحمل العامل كلفة العمل بضمير حي، إضافة إلى انني أتوقع أن غالبيتهم يجهلون أصلاً هذه النقطة. في المدن الأفلاطونية سيقوم أصحاب البقالات والمطاعم بإخراج الأغذية التي ذابت وتسليمها للناس، الذين سيقومون بطهيها فوراً، ثم تمد الموائد في الحي ليأكلها السكان وعابرو السبيل، وتعتبر الاحتفالية بمثابة الامتنان لرجوع التيار الكهربائي مثلاً، أو حتى الذهاب ابعد من ذلك واعتبارها احتفاء بالحس الإنساني النبيل. في المدن الحقيقية يجب توخي الحذر صيفاً، والانتباه إلى أن انقطاع التيار الكهربائي له تبعات غذائية كما له تبعات ساخنة، و«شمعية»، واستهلاكية للوقود باعتبار أن الكثيرين يلجأون إلى سياراتهم بحثاً عن نسمة باردة لحين عودة التيار الكهربائي. الأدوية السائلة خصوصاً تلك المستخدمة في تعبئة الحقن والتي يتم تخزينها في برادات داخل الصيدليات، يندرج عليها الهاجس أعلاه، وربما كان ضررها أعمق وأكثر تعقيداً، فالغذاء الفاسد قد يمكن «كفشه» أو مجابهة عواقبه أحياناً، لكن دواء فاسداً لمرض عضال يعتمد عليه المريض بعد الله ، ستكون له عواقب أكبر وأكثر تأثيراً. ما هو الحل؟ وكيف العمل؟ لا أعرف، لكنني أخمن أن يرصد المرء انقطاع التيار في حيهم، ويعرف مدته، ويتوقع تأثيراته، ويحذر من شراء حقنة أو دواء من الحي ذاته أو الشارع المتضرر، والله خير حافظاً. [email protected]