كتابان صدرا معاً للباحث سعد العبدالله الصويان عن «الشبكة العربية للأبحاث والنشر»، الأول عنوانه «أيام العرب الأواخر»، وهو عبارة عن سوالف ومرويات شفهية بدأ المؤلف بتسجيلها منذ عام 1982 واستمر سنوات، واستطاع أن يجمع مادة غزيرة وصلت الى مئات الساعات وبلغت آلاف الصفحات. يتطرّق الباحث في كتابه، الى قبائل لم يسبق أن تطرّق إليها أحد قبله، خصوصاً ما يتعلق ببعض قبائل الشمال. وهكذا تضافرت الوسائل والجهود، وتواجد الإخباريون الأكفّاء الذين لم يترددوا في الإدلاء بما لديهم من سوالف وقصائد ومعلومات، انطوت عليها صفحات الكتاب، بكل ما فيها من توالي الأجيال وحقب التاريخ والتغيرات الثقافية والاجتماعية واللغوية. وعلى رغم الصعوبة التي قد يجدها القارئ في فهمه لهجة هذه المرويات والسوالف، أو تصوّر الحياة والبيئة التي تتحدث عنها، إلا أن هذا لن يقلل من الأهمية العلمية لجمع مثل هذه المادة واستكشاف مواطن الجمال فيها وتذوقها فنياً وأدبياً. أما الكتاب الثاني فعنوانه «الصحراء العربية: ثقافتها وشعرها عبر العصور، قراءة أنثروبولوجية»، وهو محاولة لربط الحاضر بالماضي من خلال تركيزه والتفاته الى المصادر الشفهية وموروثات الثقافة التقليدية. ولعله بذلك يسعى الى التركيز على أهم المصادر التي تمثل الواقع العربي الثقافي والاجتماعي، التي قلّما تنبّه لها من يدرس التاريخ الاجتماعي والثقافي والأدبي واللغوي في الجزيرة العربية. ولمّا كان البدو يشكلون غالبية سكان الجزيرة العربية، خصوصاً في الوسط والصحراء، فقد سعى الصويان الى التعامل مع كتابه مع شعر البادية من جهة، وثقافة الصحراء في الجزيرة العربية من جهة ثانية، باعتبارهما امتداداً طبيعياً للعصر الجاهلي من حيث شعره ولغته وثقافته. فالشعر هو مرآة تعكس واقع الحياة الطبيعية والاجتماعية عموماً، ومجتمع البادية وثقافة الصحراء خصوصاً، وهذا بدوره يؤكد الترابط بين المباحث اللغوية والأدبية والمباحث الاجتماعية والثقافية، فيتضافر الشعر الجاهلي مع الشعر النبطي ويشكلان مادة ترسم صورة متكاملة لثقافة الصحراء العربية على مَرّ العصور. يساهم الكتاب في تصحيح الصورة المشوهة التي تحملها النخب العربية عن التنظيم القبلي وطبيعة الحياة البدوية... بصورة موضوعية وحيادية وعلمية بحتة تستند الى منهجية جديدة قائمة على مستحدثات العلوم الإنسانية والاجتماعية وموروثات ثقافية تاريخية بعيدة من السطحية وأقرب الى الحقيقة والمنطق.