قال الخبير السعودي في التجارة الدولية الدكتور فواز العلمي أن برنامج التحول الوطني المنتظر إعلانه يعتمد في المقام الأول على تحويل مزايا المملكة النسبية الموقتة إلى مزايا تنافسية مستدامة لزيادة قيمة أصولها الثابتة وتعميق استثماراتها المتنوعة، وتعزيز المشاركة بين القطاع الحكومي وقطاع الأعمال، لكي تقفز مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 70 في المئة خلال خمس سنوات، وذلك بعد التخصيص الكامل لجميع الشركات الحكومية. وأكد الدكتور فواز أن السعودية تحتل المركز الأول في منطقة الشرق الأوسط كأكبر الدول الجاذبة والمحفزة للاستثمار، والمرتبة الثالثة عالمياً في الحرية المالية والنظام الضريبي، والمركز الرابع دولياً في قوة وصرامة الأنظمة المصرفية، مشيراً إلى أخطاء جسيمة وقعت فيها وكالات التصنيف الائتماني التي خفضت تصنيف المملكة أخيراً من دون دراية، وهو استمرار لفشل هذه الوكالات في تقويم شركات الرهن العقاري الأميركية التي تسببت في الأزمة المالية العالمية في 2008، على حد تعبيره. وأوضح العلمي أن البرنامج يتطلب المضي قدماً في خصخصة شركة أرامكو السعودية وإعادة هيكلتها لتحرير أسعار المنتجات النفطية والغاز الطبيعي، وتنفيذ مشاريع نقل المنتجات النفطية والغاز الطبيعي بين المدن وداخلها بالتعاون مع القطاع الخاص، من خلال منظومة الأنابيب والنقل البري والبحري السريع والآمن. وبيّن أن ضريبة القيمة المضافة المزمع تطبيقها قريباً هي ضريبة غير مباشرة لا تجبى مباشرة من المستهلك، بل تستوفى من المؤسسات التي تبيع المنتجات والخدمات في كل مرحلة من مراحل التصنيع والتوزيع والاستهلاك، وهي ضريبة حيادية، لا تؤثر سلباً في هيكلة الأسعار ولا تمس بالقواعد التنافسية التي تراعي الاقتصاد المحلي في الدول الخليجية، بل تشمل مبدأ خفض الضريبة وحسمها أو إعادتها، ما يساعد في عدم تراكم عبئها الضريبي. وكشف الخبير السعودي في التجارة الدولية أن المملكة نفذت أكثر من 245 إصلاحاً اقتصادياً محلياً، وأطلقت 14 مبادرة إقليمية ودولية، وهو ما جعلها تحقق بجدارة مراكزها الرفيعة في الأممالمتحدة ومجموعة ال20 ومنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد والبنك الدولي ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، ليس فقط لامتلاكها 25 في المئة من احتياط النفط العالمي، بل لتطبيقها أفضل الأنظمة التجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتمتعها بأهم المراكز التنافسية في جذب الاستثمارات العالمية. وفي مواجهة عجز الموازنة، يرى العلمي بأنه كان من الأفضل أن تستعيض المملكة عن طرح السندات بإصلاح أساليب دعم الطاقة وتوجيهه للمستحقين فقط، كما فعلت الدول الأخرى ونجحت في مساعيها. فطبقاً لتقرير صندوق النقد الدولي، حققت 30 دولة نجاحاً باهراً في خطط إصلاح الدعم، ما أدى إلى نتائج باهرة في خفض عجز موازنة هذه الدول ورفع كفاءة أدائها الحكومي وزيادة نمو قطاعها الخاص، إضافةً إلى إلغاء معظم ديونها السيادية وارتفاع تدفق الاستثمارات في أسواقها. وأشار بأن إعلان ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان عن برنامج التحول الوطني يأتي تأكيداً لإصرار المملكة وحرصها على مواجهة تحدياتنا المزمنة، المنحصرة في ضرورة تخفيف اعتمادنا على النفط كمصدر رئيس للدخل، وتوليد الوظائف لتوطين العمالة، وزيادة القيمة المضافة المحلية لرفع نسبة النمو الاقتصادي. ولفت الدكتور فواز إلى أن عصر العولمة يعتمد تماسك الاقتصاد على قدرة الدولة في تحقيق أهدافها ومواجهة تحدياتها. وتزداد صدقية الحكومة لدى تحقيق مؤسساتها وأجهزتها أعلى مستويات الكفاءة في الأداء والوفاء بالوعود. لذا سارعت المملكة في تأسيس مركز قياس الأداء التابع لأعلى سلطة في الدولة، وحددت مؤشرات نجاحاته وسلامة نتائجه. وأضاف: «حقق التركيز على الاستثمار في الاقتصاد المعرفي تفوق المملكة وتقدمها في التصنيف العالمي، إذ أكد تقرير البنك الدولي أن المملكة قفزت 26 مرتبة لتحتل في العام الماضي المركز 50 من بين 146 دولة، ما رفع مستوى جامعاتنا الأكاديمي نتيجة تشجيعها البحث والمعرفة والابتكار، وأهلها لتحتل المرتبة الأولى في عدد براءات الاختراع على مستوى العالم العربي». وأفاد العلمي أن الاقتصاد السعودي يتمتع بالعديد من المزايا غير المستغلة، منها المنشآت الصغيرة والمتوسطة، التي تعتبر على صعيد الاقتصاد العالمي معجزة لعوائدها الكبيرة، لترتفع حصتها إلى 46 في المئة من إجمالي الناتج العالمي، وتتجاوز قيمتها المضافة 80 في المئة من إجمالي القيمة المضافة العالمية، ويفوق عدد العاملين فيها 76 في المئة من إجمالي العمالة في القطاع الخاص حول العالم.