على نحو مفاجئ، أعلنت الحكومة الأردنية أمس استدعاء سفيرها لدى طهران للتشاور لعدم استجابة طهران لمطالبها ب»عدم التدخل في الشؤون العربية واحترام سيادة الدول». ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية ( بترا) عن المتحدث باسم الحكومة محمد المومني قوله أنه عقب الاتفاق النووي مع إيران «صدر عنها أو عن مسؤولين فيها (...) جملة أفعال وأقوال تشكل تدخلات مرفوضة في الشؤون الداخلية لدول عربية شقيقة وعلى الأخص دول الخليج». وأشار إلى أنه عقب الاعتداء على سفارة السعودية في طهران «عبرنا للحكومة الإيرانية عبر سفير إيران في عمان خلال استدعائه لوزارة الخارجية حينها، عن احتجاجنا وإدانتنا الشديدة لتلك الاعتداءات (...) وطالبناها بالتوقف الكامل عن التدخل في الشؤون العربية واحترام سيادة الدول». وأكد المومني: «لم نلمس من الحكومة الإيرانية استجابة لهذه المطالبات ولمطالب مجلس جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في بياناتهما وقرارتهما الأخيرة». وتابع: «أمام هذا الواقع، خلصت الحكومة إلى ضرورة إجراء وقفة تقييمية في هذه المرحلة وفي ضوء هذه المعطيات والتطورات، اقتضت اتخاذ القرار باستدعاء السفير الأردني في طهران للتشاور». وبحسب مراقبين فإن خطوة عمان المفاجئة في هذا التوقيت تحمل دلالات بخاصة أن عمان امتنعت وبخلاف دول عربية عدة، لا سيما حلفائها الخليجيين، عن القيام بأي إجراء عملي رداً على تدخلات إيران المستمرة في شؤون المنطقة العربية، والتي بلغت ذروتها في الاعتداء على مقر السفارة السعودية في طهران في كانون الأول (يناير) الماضي واكتفت عمان بالتنديد بما جرى وحض إيران على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. ويعتقد هؤلاء المراقبون أن الإجراء الأردني مرتبط بإجماع عربي حازم على ضرورة وقف تدخلات إيران في المنطقة العربية واستهدافها للأمن والاستقرار الداخلي لدول عربية خاصة السعودية، وتجلى ذلك بسلسلة قرارات متتابعة بدءاً من قرارات وزراء الخارجية العرب وانتهاء بقرارات القمة الإسلامية في إسطنبول وخرجت ببيان شديد اللهجة ضد تدخلات إيران في المنطقة العربية. وبحسب هؤلاء فإنه يبدو أن سياسة الموازنة التي حاول الأردن أن ينتهجها في علاقته مع السعودية ودول الخليج من جهة وبين أهمية إيران في المنطقة فشلت مع تفاقم التدخلات الإيرانية في دول المنطقة. ويأتي الإجراء الأردني بعد أسبوع على اللقاء الذي جرى بين الملك عبد الله الثاني وولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في العقبة، وصدر عن اللقاء بيان مشترك أكد فيه الجانبان رفضهما لسياسة التدخل التي تنتهجها إيران في المنطقة، والتي تشعل الفتن الطائفية وتنمي الإرهاب، وحذرا طهران من استمرار نهجها الحالي الذي يعمق النزاعات والصراعات في المنطقة ويستهدف استقرارها. وكان الأردن استعاد علاقاته الديبلوماسية مع إيران في بداية تسعينات القرن الماضي إثر قطعها بعد سقوط نظام شاه إيران وقيام الثورة الإسلامية، إضافة إلى وقوف عمان مع بغداد في حربها مع إيران والتي استمرت ثماني سنوات.