أكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري سعي حكومته الى «حماية لبنان من المغامرات والغطرسة الإسرائيلية وتدعيم الاستقرار الداخلي». وإذ شدد على ان «لبنان يعي جيداً أهمية التنسيق والتفاهم بين الأشقاء العرب»، حض على «تفعيل التعاون العربي - التركي». وكان الحريري يتحدث في افتتاح اعمال الملتقى العربي - التركي الخامس المعقود في اسطنبول الذي تنظمه مجموعة «الاقتصاد والأعمال» برعاية رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، وحضور الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ووزراء الخارجية العرب المشاركين في اعمال المنتدى ووزراء المال في كل من لبنان والاردن وقطر والعراق وسورية وتركيا وفاعليات اقتصادية ومستثمرين ورجال اعمال عرب واتراك. واستهل الحريري كلمته بتوجيه التعازي الى أردوغان وتركيا «رئيساً وحكومةً وشعباً، بأرواح الشهداء الأبرياء الذين سقطوا على يد الإجرام الإسرائيلي وهم يحاولون إغاثةً سلميةً مدنيةً مسالمة لإخواننا وإخوانهم في فلسطين، وفي غزة تحديداً». وقال: «أنحني احتراماً وإجلالاً لتضحياتهم وتضحيات تركيا دفاعاً عن قضيتنا المركزية فلسطين». وإذ شدد على اهمية «تطوير العلاقات بين العالم العربي وتركيا». توقف عند «المرحلة الحساسة جداً التي تمر بها منطقتنا اليوم على كل الصعد، والدليل على ذلك التطورات الأليمة التي شهدناها الأسبوع الماضي. فعلى الصعيد السياسي والأمني، عانت منطقتنا طويلاً من الغطرسة والإجرام والهمجية الإسرائيلية، فيما تسعى الدول العربية والاسلامية إلى سلامٍ عادلٍ وشامل في المنطقة على أساس مرجعية مؤتمر مدريد ومبادرة قمة بيروت العربية للسلام. ونحن في لبنان، هذا البلد الصغير بحجمه، نعي جيداً أهمية التنسيق والتفاهم بين الأشقاء العرب. وتركيا ونحن نوظف جميع إمكاناتنا السياسية والديبلوماسية لتدعيم الموقف العربي، ليكون قوةً موحدةً ومتماسكة من أجل إحقاق حق الفلسطينيين بالعودة إلى دولةٍ مستقلة عاصمتها القدس». واعتبر الحريري أن «الأزمة المالية العالمية أعادت إلى السطح في منطقتنا كما في مناطق أخرى من العالم آراء تدعو إلى الانغلاق الاقتصادي. لكنني أخالف الرأي جميع دعاة الانغلاق والتقوقع بحجة حماية الاقتصاداتِ الوطنية. فالحماية تكون أولاً وأخيراً من خلال تبنّي التشريعات والسياسات ونظم الرقابة السليمة»، منبهاً الى «ان التقوقع والانغلاق من شأنهما أن يفوّتا علينا فرص عمل عديدة لشبابنا وشاباتنا». وأعرب عن ثقته بأن «الدول العربية وما تتمتع به من طاقاتٍ بشرية شابة ومبدعة، وموارد طبيعية متنوعة بإمكانِها أن تؤسس لشراكةٍ حقيقية ولتكاملٍ اقتصادي مع تركيا»، لافتاً الى ان «الكثير من الدول العربية قرر المضيّ قدماً بهذا المسار. وهو مسارٌ سيُؤتي ثماره الاقتصادية على المدى المتوسط ويعزّز مواقف العرب وتركيا في وجه التحديات التي تواجه المنطقة، كما من شأنه أن يعزّز مكانة تركيا والعرب في المحافل الاقتصادية والسياسية الدولية». وقال: «نحن بدورنا في لبنان نسعى الى تعزيز العلاقات اللبنانية – التركية نحو شراكةٍ استراتيجية في مختلف الميادين». واذ جدد شكر لبنان لتركيا «لدعمها المتواصل سياسياً واقتصادياً، ومن خلال مشاركتها في قوات «يونيفيل» العاملة في جنوب لبنان»، ذكر بالاتفاقات ومذكرات التعاون التي كانت وقعت خلال زيارته الأخيرة لتركيا «وكان من أبرزها اتفاق إلغاء التأشيرة لمواطني الدولتين. ونرى اليوم الانعكاساتِ الإيجابية لهذا الاتفاق، حيث ارتفع عدد الزوار الأتراك الى لبنان بحوالى أربعة أضعاف حتى شهر نيسان (ابريل) الماضي». وقال الحريري: «نتطلَّع الى زيارة الرئيس أردوغان لبنان في شهر تموز (يوليو) المقبل، لترجمة أفكار التعاون في ما بيننا ومشاريع الاتفاقيات الجديدة إلى خطواتٍ ملموسةٍ جديدة». وأكد وجوب «تعزيز الشراكة بين القطاع الخاص اللبناني والتركي». وتوقف عند «الاستقرار الذي ينعم به لبنان اليوم في ظل حكومة وحدةٍ وطنية تضمّ كل الأطرافِ السياسية». وقال: «نريدها حكومة إنجازٍ وعمل، للنهوض بالاقتصادِ الوطني ولتعزيز مكانة لبنان في محيطه العربي والإقليمي»، مشيراً الى أن هذه الحكومة «تبنّت بياناً وزارياً طموحاً، وجميعنا ملتزمون بمضمونه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي، وبالإصلاحات التي تضمّنها. ونحن نعمل على خطين متوازيين: الأول يهدف الى تطوير البنية التحتية للاقتصاد من خلال خططٍ وبرامج عمل قطاعية وبرامج تنفيذية لمعالجة المشاكل البنيوية في مجالات الطاقة والكهرباء والمياه والنقل والاتصالات والتربية والسياحة وغيرها، والثاني هو متابعة احتواء حجم الدين العام إلى الناتج المحلي». وأوضح الحريري ان «هدف الحكومة تحقيق النمو المتوازن واللامركزية في التنمية الاقتصادية، بحيث يرتفع مستوى المعيشة لدى الشريحة الأوسع من اللبنانيين وخصوصاً في الطبقتين المتوسطة والفقيرة، ويتمكَّن الاقتصاد من خلق فرص العمل للشباب بما يساهم في الحد من الهجرة. ومشروع الموازنة العامة لعام 2010 حريص على ان يعكس كل هذه الأولويات والمشاريع من خلال زيادة حجم الإنفاق الاستثماري، ولكن أيضاً مع الحفاظ على الاستقرار الماكرو – اقتصادي». وأكد حرص الحكومة «على مشاركة القطاع الخاص اللبناني والأجنبي، وبالأخص التركي، في تنفيذ مشاريعها القطاعية والتنموية من خلال تطبيق مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ما يخفّف العبء على الموازنة العامة، ويفسح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار داخل لبنان وخلق فرص عمل جديدة وتوفير الخدمات للمجتمع بالكفاءة والجودة المطلوبتين». لقاء اردوغان وفتح سفارة البحرين وعقد الحريري واردوغان لقاء في الهواء الطلق في حديقة فندق «فور سيزون»، واجرى الحريري سلسلة لقاءات ثنائية فالتقى وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن احمد بن محمد آل خليفة في حضور نادر الحريري والمستشارين محمد شطح وهاني حمود. وصرح الوزير خليفة بأنه نقل الى الحريري «رسالة اخوة ومحبة من قيادة مملكة البحرين، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وفيها تأكيد لتقوية اواصر علاقات الاخوة بين لبنان والبحرين، هذه العلاقة التاريخية والقديمة جداً، وسيتم تأكيدها من خلال خطوات كثيرة اقتصادية وسياسية ومن بينها اعادة فتح سفارة المملكة في لبنان بعد اغلاق طويل يعود الى عام 1976، وسيكون ذلك يوماً سعيداً جداً، وسأكون انا ايضاً سعيداً بالمشاركة به وستتم هذه الخطوة خلال الفترة القصيرة المقبلة، والمسألة مسألة ايام. القرار السياسي اتخذ، والرسالة كانت تأكيداً لتقوية العلاقات بيننا ودعم لبنان، هذا البلد الذي هو بالنسبة لنا قلب نابض، لا نستغني عنه ولا نعيش من دونه». والتقى الحريري الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى ثم اجتمع الى اوغلو، ومساء اقام اردوغان وزوجته عشاء تكريمياً على شرف الحريري وزوجته لارا العظم.