يعيش الطلاب في الجامعة الأردنية نشوة الإنجاز، بعد أن تمكنوا من خفض الرسوم الجامعية في بعض البرامج الدراسية إلى النصف تقريباً، من خلال نضالهم الذي دام أكثر من شهر بالاعتصام المفتوح داخل حرم الجامعة. نتائج الاعتصام الذي بدأ مع بداية شهر آذار (مارس) الماضي لم تتوقف عند خفض الرسوم بل تعدتها إلى الاطاحة برئيس الجامعة الدكتور خليف الطراونة، والذي تزامن موعد التجديد له من قبل مجلس الأمناء لولاية جديدة مع الاعتصام، ما حرمه فرصة التجديد، خصوصاً أن إدارته فشلت في إنهاء الاعتصام بالحوار. وعلى طريقة ثورات «الربيع العربي» لجأ مقربون من رئيس الجامعة إلى اطلاق شائعات لتشويه صورة المعتصمين وأهدافهم، من خلال التشكيك بنواياهم وبأنهم يتبنون «أجندات غير وطنية تحمل في طياتها الفتنة» تارةً، وبأنهم «من خارج الجامعة ومن مدمني المخدرات» تارةً أخرى. إدارة الجامعة نفد صبرها بعد أسبوعين من استمرار الطلاب باعتصامهم، فحاولت إنهاءه بشتى الوسائل. ولجأت إلى تشكيل لجان تحقيق مع الطلاب المعتصمين واتخاذ عقوبات بحقهم، وحاولت استخدام الأمن الجامعي لتفريق الاعتصام الذي اتخذ من ساحة مبنى رئاسة الجامعة مكاناً له. بيد أن الطلاب الذين تجاوز عددهم مئة طالب ودعمتهم منظمات طلابية وحزبية أبرزها حملة «ذبحتونا» و»قوائم العودة» و»بصمة أمل» و»التجديد العربية» و»التجمع الطلابي» بمشاركة اتحاد الطلاب، استمروا صامدين حتى تحقيق مطالبهم. وعلى رغم أن الاعتصام أطاح برئيس الجامعة إلا أن الطلاب اعتبروا أن هذه الخطوة غير كافية لإنهائه، فالرسوم التي اعتصموا احتجاجاً عليها بقيت كما هي، ما أجبر مجلس أمناء الجامعة على اتخاذ القرار الأصعب وهو خفض الرسوم في بعض البرامج الدراسية التي طبقت عليها الزيادة قبل عام ونصف العام تقريباً، ومنها البرنامج الموازي وبرنامج الدراسات العليا. ويشار إلى أن البرنامج الموازي الدراسي ابتدعته الجامعات الحكومية لرفد موازناتها، من خلال قبول الطلاب الذين لم يمكنهم مجموعهم العام من دخول الجامعة من خلال التنافس، مقابل رسوم تساوي ثلاثة أو أربعة أضعاف برنامج الدراسة العادي. وبحسب المعتصمين فإن قرار رفع الرسوم يمس 40 في المئة من مجموع طلاب الجامعة الأردنية الذين يقدر عددهم بنحو أربعين ألف طالب. ودافع أحد الطلاب المعتصمين وهو علاء حجة عن موقف المعتصمين وخشيتهم من أن قرار رفع الرسوم سيحرم الكثير من الطلاب الأردنيين من إكمال تعليمهم الجامعي وقد يودي بهم إلى الشارع. وقال إن الجامعة أصبحت الأكثر غلاءً في قيمة الساعات الدراسية على مستوى الجامعات الأردنية الخصوصية والرسمية. وشمل قرار رفع الرسوم طلاب الدراسات العليا، حيث وصلت نسبة رفع رسوم الساعات لبعض التخصّصات إلى أكثر من 100 في المئة، ما يعيق إكمال الدراسة، ويزيد من احتكار التعليم. وقال رئيس الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلاب «ذبحتونا» فاخر دعاس أن قيام الطلاب بتنظيم اعتصام مفتوح في أم الجامعات الأردنية وأكبرها، يأتي بعد أكثر من 25 فاعلية سابقة داخل الحرم الجامعي على مدى أكثر من عام ونصف العام، إضافة إلى عشرات الفاعليات التي نظمتها الحملة من اعتصامات ومسيرات وحملات جمع تواقيع. إلا أن إدارة الجامعة الأردنية ظلت ماضية في قرارها المجحف بحق الطلاب، الأمر الذي دفعهم إلى اتخاذ خطوتهم التصعيدية الأهم وهي إعلان الاعتصام المفتوح. وتبرر إدارة الجامعة رفعها الرسوم بعدم وجود دعم حكوميكانت الجامعة تحقق فائضاً في موازنتها بموجبه، إلا أنها تنازلت عنه قبل خمسة أعوام لمصلحة جامعات الجنوب، إضافةً إلى أن الجامعة تتحمل 50 في المئة من كلفة الدراسات العليا والموازي، في الوقت الذي لا يشكل طلاب الموازي أكثر من 30 في المئة من طلاب الجامعة. وقال رئيس الجامعة الدكتور خليف الطراونة أن كلفة تعليم الطالب الجامعي في برامج التنافس العادي والقوائم والتبادل الثقافي تبلغ حوالي 2400 دينار سنوياً (4 آلاف دولار)، في حين تتحمل الجامعة ما يقارب 700 دينار (1000 دولار) عن كل طالب يقبل في برامج الدراسات العليا، ما يشكل عبئاً مالياً بلغ نحو عشرين مليون دينار تتحملها الجامعة.