فرقت قوات الدرك الاردنية بالقوة مساء امس اعتصاماً بدأته حملة «شباب 24 آذار» (مارس) في ميدان جمال عبد الناصر في العاصمة الاردنية للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية وحل مجلس النواب وتعديل الدستور بما يؤدي الى قيام حكومات منتخبة. وأفادت انباء بأن نحو مئة اصيبوا خلال العملية. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر امني اردني تأكيده فض الاعتصام، مشيرا الى ان قوات الامن اعتقلت عددا من المعتصمين وآخرين من الموالين للحكومة اثر مواجهات بين الطرفين. وعلم لاحقاً ان شخصين توفيا خلال العملية، فيما تحدثت معلومات عن سقوط 130 جريحاً. وعلى صعيد متصل بدأت لجنة الحوار التي اعلنتها الحكومة برئاسة رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري تواجه «مأزقاً» بعد رفض حزب جبهة العمل الاسلامي المشاركة، الا اذا تم ادراج مناقشة التعديلات على الدستور ضمن اختصاص اللجنة. وقد استقال عدد من اعضاء اللجنة امس احتجاجاً على التهاون في حماية المعتصمين واستخدام القوة في تفريقهم. وقبل تدخل قوات الدرك لفض الاعتصام، حضر نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية سعد هايل السرور الى مبنى محافظة العاصمة المقابل لمكان الاعتصام، وطلب الاجتماع مع ممثلي المعتصمين الا انهم رفضوا وطالبوه بالنزول اليهم. وقال شهود ان المعتصمين تعرضوا لضرب مبرح بالهروات بعدما استخدمت قوات الدرك خراطيم المياه لتفريقهم. ولم تعرف الاعداد الدقيقة للاصابات، لكنها قاربت المئة من المعتصمين وقوات الدرك. وتمكنت الاجهزة الامنية اخيراً من اقتلاع الخيم التي نصبها المعتصمون في الساحة. وكان العشرات من الشباب قضوا ليل الخميس - الجمعة في خيم نصبوها تحت الجسر، بعدما رفضوا ضغوطاً من قوات الامن للعودة الى بيوتهم. وافاق المعتصمون صباحاً على الاغاني الوطنية التي كانت تصدح بها مكبرات الصوت. ورسموا خريطتي الاردن وفلسطين بالحجارة التي جمعوها في الميدان والشوارع المحيطة والتي رشقهم بها «بلطجية» في الليل. وشهد يوم امس حشوداً كبيرة في الميدان، اذ ادى المئات صلاة الجمعة، وحض خطيب الجمعة الشبان على التمسك باعتصامهم والثبات في «الميدان»، والتمسك بسلمية الاحتجاج وتفويت الفرصة على من يحاول التخريب عليهم. ودعا المعتصمين الى «عدم الالتفات لمن يحاولون التشويش عليهم والتمسك بالصبر والتحلي بروح المسامحة»، مطالباً «الجهة المناوئة للاعتصام بالانضمام اليهم وتأييد مطالبهم»، مؤكداً «الاصرار على البقاء في الميدان حتى تنفيذ المطالب او الموت على ساحته. اما اصلاح شامل او موت في سبيل الله وشهادة». وعلى الجانب الآخر من الميدان استمر وجود العشرات من الشباب على الجهة المقابلة التي كانت ترشق المعتصمين بالحجارة، وتطلق الشتائم في حقهم وتصفهم ب «بالخونة»، فيما كان المعتصمون يطلقون عليهم وصف «البلطجية» ويردون على الحجارة بالهتاف «سلمية... سلمية». ورفع مناهضو الاعتصام صور العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني والاعلام الاردنية وهتفوا باسقاط الاحزاب وجماعة «الاخوان المسلمين». وحالت قوات الامن مراراً دون وصول «البلطجية» الى المعتصمين. وعلى رغم نفي علاقة المعتصمين بالاحزاب و «الاخوان» الا ان الخطاب الاسلامي كان واضحاً على الشعارات والكلمات، فيما شهد ميدان الاعتصام حضور عدد من قيادات الجماعة واحزاب معارضة. ورفع المعتصمون يافطات تقول «الشعب يريد تعديل الدستور... الشعب يريد اسقاط النواب... الشعب اصدر قرار لا لتبعية للدولار... بالروح بالدم نفديك يا اردن... بالروح بالدم نفديك يا أبو حسين... نريد اجتثاث الفساد». كما أعتصم المئات، عقب انتهاء صلاة الجمعة، قرب مبنى السفارة الاسرائيلية في عمان إحياءً للذكرى ال 43 لمعركة الكرامة، ورفضاً للتطبيع مع العدو الصهيوني. وطالب المشاركون في الاعتصام الذي دعت اليه لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة بإلغاء معاهدة وادي عربة، والإصلاح السياسي ومحاسبة الفاسدين. ومنعت قوات الامن دخول مركبات تحمل مكبرات للصوت، الامر الذي استنكره المنظمون واعتبروه استمرار «سياسة تكميم الأفواه». وهتف المعتصمون: «الرابية بدها تحرير من السفارة والسفير» و «ما بنرضى بالأحتلال عالأرض الأردنية» و «لا سفارة للأرهاب اول مطلب للشباب» و «لا كيان للعدوان على ارضك يا عمان». وعلى الجانب الآخر نفذ المئات من المصلين اعتصاماً امام جامع الكالوتي في ضاحية الرابية القريب من مبنى السفارة الاسرائيلية في عمان. وهتفوا مطالبين باغلاق السفارة والغاء معاهدة وادي عربة ووقف كل اشكال التطبيع. وتوجه العشرات منهم للمشاركة في اعتصام ميدان جمال عبد الناصر. وفي حدائق الملك الحسين (شمال غربي عمان) احتشد اكثر من 20 الف شخص تلبية لدعوة حملة «نداء وطن» تحت شعار «وحدتنا عزوتنا... سلاحنا اصلاحنا» من اجل تأكيد «ثوابت المملكة والاصلاح ضمن رؤى القائد». وأصدر «تجمع نداء وطن» بياناً اكدوا فيه «أهمية الشروع بإجراءات إصلاحية شاملة، ومكافحة الفساد، للوصول بالوطن إلى بر الأمان».