لاحت بوادر خلافات بين كتلة النواب المعتصمين الذين أعلنوا الخميس الماضي إقالة رئيس البرلمان سليم الجبوري، لكنهم اختلفوا أمس في شأن انتخاب بديل له، فيما أعلن الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر أنه سيستأنف الاحتجاجات في غضون 72 ساعة ما لم ينجح زعماء البلاد في التصويت على حكومة تكنوقراط اقترحها رئيس الوزراء حيدر العبادي. ووجه الصدر في بيان أصدره مكتبه التحذير إلى العبادي والرئيس فؤاد معصوم ورئيس البرلمان سليم الجبوري. وأضاف زعيم التيار الصدري الذي قاد احتجاجات طيلة الشهر الماضي في بغداد لدفع العبادي للقيام بإصلاحات، إن «المحاصصة لا تزال تنهب مقدرات الشعب وقوته وحقوقه»، مشيداً ب «اعتصام البرلمانيين داخل قبة البرلمان لأجل مساندة شعبهم والمطالب المشروعة لهم». وتمكن نواب برلمانيون في مجلس النواب العراقي غالبيتهم من التحالف الوطني ومن بينهم نواب كلة الصدر من تنفيذ اعتصام داخل مجلس النواب قبل يومين ومن ثم إقامة جلسة من دون رئيسه سليم الجبوري الذي تمت إقالته الى جانب نوابه في جلسة اتهمتها الكتل الأخرى بغير القانونية. وبسبب رفض الكتل القوائم الخاصة بأسماء الوزراء الذين قدمهم حيدر العبادي الى البرلمان لغرض التصويت عليهم من اجل انشاء حكومة تكنوقراط يطالب بها الصدر وأنصاره. وقبل الإعلان عن تأجيل جلسة البرلمان أمس أعلن بعض النواب انسحابهم من الجلسة التي كانت مخصصة لانتخاب رئاسة جديدة للبرلمان، واختلف الباقون في شأن المرشحين، فيما تبادل بعضهم الاتهامات بعدم الجدية في الإصلاح. في غضون ذلك، أعلن أمس مكتب رئيس البرلمان المقال سليم الجبوري عن ارجاء جلسة أمس حتى يوم غد الاثنين، مبرراً ذلك باعتبارات أمنية، فيما أصرّ العشرات من النواب على منعه من الدخول إلى قاعة البرلمان أمس. ودعا الجبوري، خلال كلمة ألقاها، الكتل السياسية والحريصين على مستقبل العملية السياسية، إلى إدامة الحوار للخروج من الأزمة. وفشل أمس النواب المعتصمون في عقد جلسة نيابية لانتخاب هيئة رئاسة جديدة للبرلمان، وأبلغ مصدر برلماني مطلع «الحياة» أن الخلاف بدأ مع مناقشة النواب المعتصمين قضية انتخاب هيئة رئاسة جديدة، إذ بدت المواقف متضاربة في شكل كبير في شأن المرشحين لرئاسة البرلمان، وانتخاب نواب جدد للرئاسة أو الإبقاء على نواب الجبوري. وأضاف المصدر أن بعض النواب من كتلة الأحرار شككوا في جدية نوايا كتل أخرى، بينها «الدعوة»، وسط اتهامات بركوب الموجة واستغلال التغيير النيابي لأغراض حزبية وتصفيات سياسية. وكان مقرر البرلمان، النائب نيازي معمار، أعلن صباح أمس عن أن جلسة سيعقدها النواب المعتصمون لإعادة التصويت على إقالة رئيس البرلمان سليم الجبوري، وانتخاب بديل منه. لكن ذلك لم يتحقق بسبب الخلافات، فتمّ ارجاء الجلسة إلى غد الاثنين. وقال نائب عن كتلة «الأحرار» حسين العوادي إن «هناك مجموعة من النواب المعتصمين المتواجدين ركبوا موجة الاعتصامات لأنهم أرادوا أن يوصلوا للعالم رغبتهم في الإصلاح الشامل». كما أعلنت كتلة «بدر» النيابية رفضها تقسيم البرلمان، وعدم مشاركتها في جلسة النواب المعتصمين، ودعا نواب الكتلة في مؤتمر صحافي أمس إلى «توحيد كل الجهود لوحدة العراق من أجل إيجاد الحل الأمثل للأزمة الاقتصادية». وأضافوا أنهم «مع الحوار والوحدة وحسم الرئاسات في شكل قانوني ودستوري» وطالبوا بعقد جلسة موحدة وفق الدستور والقانون. وأعلنت المتحدث باسم ائتلاف «الوطنية» ميسون الدملوجي ان كتلتها مع الإبقاء على نواب رئيس البرلمان والاكتفاء بانتخاب رئيس جديدة للبرلمان والعمل على استجواب رئيس الوزراء، ولكن نواب حزب «الدعوة» يطالبون بتغيير كامل هيئة الرئاسة، وترددوا في شأن استجواب رئيس الوزراء. وأكد الجبوري احترامه الكبير «لآراء إخواني في مجلس النواب الذين لهم رأي محل احترام وتقدير. وبناء على هذه القيمة العظيمة فقد رأيت أن أؤجل جلسات المجلس في شكل رسمي». وشدد على ضرورة «إدامة الحوار خلال الأيام المقبلة والتوصل إلى حلول تُخرج البلاد من هذا الاختناق لقطع الطريق على سيناريو وجود برلمانين أو جهتين أو خندقين، بل هو البرلمان العراقي الأوحد الذي يمثل السلطة التشريعية والدستورية في البلاد». الى ذلك حذر رئيس الجمهورية فؤاد معصوم أمس من ضياع الدعم الدولي للبلاد في حربه ضد «داعش»، وقال في كلمة ألقاها أمس ان «الدعم الدولي والإقليمي مرهون بوحدة الموقف واستقرار الحياة السياسية واستمرار العملية الديموقراطية وفق الدستور لكي نضمن كسب ثقة الأصدقاء والأشقاء، خصوصاً الدول المانحة والمؤسسات العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي». وأضاف أن «يجب الانطلاق من مبدأين أساسين لا اختلاف عليهما، أولاً اجراء إصلاحات حقيقية وشاملة وذلك وفق برنامج مدروس وتصحيح مسار المؤسسات الحكومية والتشريعية والقضائية في الدولة والابتعاد عن المحاصصات الفئوية والحزبية، والثاني يتمثل بمراعاة القوانين والاحتكام إلى الدستور كمرجع أعلى لإدارة الدولة للحفاظ على أمن البلاد ووحدتها». وأعربت الولاياتالمتحدة والبعثة الأممية في العراق عن القلق البالغ ازاء ما يحدث في الحياة السياسية في العراق، وذكر بيان لرئاسة الجمهورية ان رئيس الجمهورية فؤاد معصوم تبلّغ خلال لقائه المبعوث الخاص للرئيس الأميركي بريت ماكغورك وسفير الولاياتالمتحدة في بغداد ستيوارت جونز عن القلق ازاء ما يحدث في الحياة السياسية في العراق». ونقل البيان عن الوفد الأميركي تاكيده أن «الاستقرار في العراق يساعد كثيراً في تأمين وتسهيل الدعم الدولي المطلوب». ويجري وفد مالي عراقي في واشنطن محادثات منذ ايام مع مسؤولين في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عملية الإصلاح المالي والاقتصادي في العراق تناول منح العراق مساعدات لمواجهة الأزمة المالية التي يعاني منها، وتعزيز عملية الإصلاح المالي والاقتصادي في البلاد». وأعربت بعثة الأممالمتحدة لمساعدة العراق (يونامي) عن قلقها العميق إزاء الأزمة السياسية المستمرة في البلاد، وقال رئيس البعثة جيورجي بوستين في بيان ان «الأزمة تهدد بشل مؤسسات الدولة.