انطلقت في قطر أمس جولة مفاوضات بين وفدي الحكومة السودانية برئاسة الدكتور أمين حسن عمر و «حركة التحرير والعدالة» التي يقودها الدكتور التجاني سيسي. وافتتح الاجتماع وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية أحمد بن عبدالله آل محمود الذي شدد على أن الدوحة تسعى إلى سلام عادل في دارفور والسودان. وقال في إشارة إلى مقاطعة «حركة العدل والمساواة»: «نأمل أن يتحقق السلام ونتمنى أن يلحق أخوتنا الآخرون بالعملية (التفاوضية)، ونحن نسعى إلى تحقيق سلام من دون استبعاد أو استثناء أحد». وشدد الوزير القطري على أن الوساطة «لا تميّز بين طرف، ولا تستثني أحداً»، قائلاً: «نتمنى أن تتحقق النتائج ونرى ثمار المفاوضات في القريب العاجل، وكما يُقال: خير البر عاجله». وأطلقت «حركة التحرير والعدالة» على لسان رئيسها سلسلة مواقف في الجلسة الافتتاحية، إذ شدد سيسي على أنها «تتطلع إلى سلام عادل وشامل»، معتبراً أن «مشكلة السودان في دارفور هي مظهر من مظاهر القضية السودانية التي تجلّّت في كل الهامش السوداني». وأكد سيسي أن السلام هو «خيارنا الاستراتيجي» وأن الحوار والتفاوض هما أفضل الوسائل لحل مشكلات الوطن، مشدداً على «أننا لن نقبل بتوقيع سلام زائف مقابل وظائف أو مصالح ذاتية ضيقة». وقال: «إننا نريد سلاماً يشارك في صناعته أهلنا اللاجئون والنازحون ومنظمات المجتمع المدني والقوى السياسية الوطنية، كما نؤكد ضرورة مشاركة دول الجوار الإقليمي والوسطاء الدوليين والمسهّلين للوصول إلى تسوية عادلة تقوم على ضمانات دولية دستورية». ورأى سيسي أن الحل الشامل لقضية دارفور يكمن في «الاستجابة الفورية لمطالب أهلنا العادلة» في خصوص معالجة قضايا النزوح واللجوء والعودة الطوعية إلى المناطق الأصلية بعد تأمينها ونزع سلاح المجموعات المنفلتة والمشاركة العادلة في السلطة القومية (المركزية في الخرطوم) والإقليمية وإنشاء سلطة إقليمية لدارفور موحدة بصلاحيات كاملة للمساهمة في تطبيق أي اتفاق يتم التوصل إليه والتوزيع العادل لثروة البلاد. ودعا سيسي «رفاقنا الذين لم يلتحقوا بركب الوحدة إلى أن يلتحقوا بنا لأننا نريد أن نتواضع على قاعدة عريضة تؤكد وحدتنا وتعزز وحدة السودان وتحقق السلام العادل والشامل والمستدام». ولفت إلى أن أحداث التاريخ والحاضر تؤكد أنه لن يحدث استقرار أو تقدم إلا بتحقيق مجموعة من المطالب الشعبية مثل الحكم المدني الديموقراطي الذي يحترم حقوق الإنسان ويلتزم واجبات الحاكم تجاه بلده ويقبل منهج تبادل السلطة ويحترم الدستور. ودعا إلى «تهيئة فترة استقرار وهدوء يحدث فيها وفاق وتستعاد فيها الثقة بين الحاكم والمحكوم». ورأى أن المواطن يتطلع إلى نظام حكم يخضع للقانون قبل أن يطلب من الناس الخضوع له، مشيراً أيضاً إلى أن السودان يواجه في كانون الثاني (يناير) المقبل خيار «إما أن يكون أو لا يكون»، في إشارة إلى الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب السوداني والذي يمكن أن يسفر عن استقلال الجنوب عن بقية إرجاء البلاد. وقال إن «حركة التحرير والعدالة» تقف مع خيار وحدة جاذبة يُقرها أهل السودان، وإن لم يحدث ذلك «نحترم خيار أهلنا (في الجنوب) في إدارة دولتهم وفق أسس التعايش السلمي والجيرة الحسنة». وكان رئيس الوفد الحكومي السوداني الدكتور أمين حسن عمر خاطب الاجتماع مشدداً على «أننا جاهزون لنبدأ مع الإخوة في حركة التحرير والعدالة و «يوناميد» (قوات السلام الأفريقية - الدولية) الخطوات التنفيذية لتنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار الذي اتفقنا عليه» في وقت سابق مع «حركة التحرير والعدالة». وقال: «إننا نأمل التوقيع بسرعة على بروتوكول للترتيبات الأمنية حتى يكون حاملو السلاح جزءاً من الحل لا جزءاً من المشكلة». وقال أمين إن الرغبة في الحل السياسي هي التي تحتل الأولوية في دارفور، منتقداً «حركة العدل والمساواة» بقوله: «إننا نعود بتفاؤل إلى مفاوضات الدوحة على رغم المناخ السلبي الذي أشاعته خروقات حركة العدل والمساواة وموقفها من التفاوض». وأكد أن هناك «مبادرة واحدة ومقراً واحداً في الدوحة للمفاوضات». وأكد أن الحكومة مقبلة على المفاوضات «برغبة صادقة في التوصل إلى اتفاق نهائي وشامل»، وقال «إننا سنتوصل إلى سلام ليس فيه كاسبون وخاسرون فالجميع كاسبون والكاسب الأكبر سيكون أهل دارفور». ونوه الوسيط الأفريقي الدولي جبريل باسولي بمشاركة وفدي الحكومة السودانية و «حركة التحرير والعدالة» في جولة المفاوضات الحالية، وقال: «آمل أن ينضم إلينا (في المفاوضات) الأخوة الذين يحملون السلاح والذين يعتقدون أن الحرب خيار لهم». وأضاف أن «القلوب مفتوحة لاستقبالهم (المقاطعين للمفاوضات) من أجل تحقيق السلام». وأفاد أنه سيزور نيالا في دارفور اليوم لمقابلة منظمات في المجتمع المدني.