بسبب ضعف النظام الرسمي العربي، وانهيار العمل العربي المشترك، واعلان عمرو موسى وفاة الجامعة العربية مرة بعد مرة، تحولت بعض الأراضي العربية أو جزء منها إلى مسارح لحروب ليس للعرب ناقة فيها ولا جمل. صحيح أن السعودية بقيادة الملك عبدالله حاولت وما زالت رأب هذا الصدع العربي، ولكن لا حياة لمن تنادي، فالقلوب متألفة والعقول (المصالح) متخالفة. في لبنان حزب تسمى باسم الله عز وجل، أعلن رسمياً أنه حزب «الولي الفقيه»، يدير حروباً عبثية ضد اسرائيل (أنا مع أي حزب أو دولة أو حتى ارهابي يحارب الكيان الصهيوني المسخ)، لكن حروب الحزب العبثية ضد الصهاينة ليست وطنية، بل انه يديرها نيابة عن مموليه في طهران. ميليشيات حقيرة في الصومال تدير حروباً تحت مرأى وأسماع الطامعين لتحويل الصومال إلى صومال ايطالي وآخر انكليزي، مع أنني ما زلت لا أعترف بالصومال بلداً عربياً وعضواً في «جامعة موسى». في العراق يتصارع الأميركيون والايرانيون منذ سبعة أعوام على ما تبقى من الدم العراقي المسفوح في بغداد والبصرة ونينوى وبقية الاقضية والقصبات العراقية. حزب الله الإيراني في لبنان لن ينتصر على اسرائيل، لأنه لا يسعى إلى ذلك، بقدر ما يسعى إلى عرقلة المخطط الأميركي ضد «جلاوزة» طهران، واستنزاف الحكومة اللبنانية، وفرض نفسه بالسلاح كما فعل في السابع من أيار (مايو) 2008، وتحديد الأولويات على طاولة المفاوضات الأميركية – الإيرانية – الإسرائيلية، التي كتب عنها تريتا بارسي في كتابه: «التحالف الخادع». حركة حماس، هي الأخرى، لن تحقق أي شيء ضد الكيان الصهيوني، لكن حسابها في وزارة المال الايرانية ما زال مفتوحاً ويستقبل الفتات من دولارات الملالي، لكن الغزيين من دون ماء وغذاء ودواء، فيما حكام طهران ومن حولهم يتهادون أفخر أنواع «الكافيار» الايراني، وإن كان هناك خمسة ملايين ايراني تحت خط الفقر في طهران وحدها. الحوثيون أيضاً، لم ولن يحققوا شيئاً في حروبهم ضد الحكومة الوطنية في اليمن، لكنهم أرادوا وعلى مدى ست حروب ضدها، أن يستعرضوا قوة طهران في جنوب الجزيرة العربية. المغرب العربي بأكمله مرشح للقيام بحروب أهلية أو اقليمية نيابة عن ملالي قم. جزر القمر وجاراتها من جزر المحيط الهندي هي الأخرى مرشحة للقيام بالمهمة ذاتها التي قام بها في السابق حزب الله وحركة حماس والحوثيون. من غير المنطقي أن أضع حركة حماس، وهي حركة مقاومة وطنية جنباً إلى جنب، مع حزب الله والتمرد الحوثي، لكن حماس أخطأت الهدف بسبب أخطاء النظام الرسمي العربي، لكن ذلك لا يبرر خطأها. العرب أخطأوا في حق حماس، وحماس أخطأت في حق ذاتها كحركة مقاومة فلسطينية، بانحيازها إلى العدو التاريخي للعرب. الولاياتالمتحدة لن تهزم ايران في العراق، وطهران تعرف أنها لن تفوز في حربها على اميركا في العراق، لكنها تريد أن تعزز نفوذها في بلاد الرافدين لتفرض نفسها على دول الإقليم لاحقاً، فيما الولاياتالمتحدة تسعى لاقناع العرب أنها جادة في محاصرة ايران، بينما الواقع عكس ذلك. اميركا التي كانت تتبجح بأنها تستطيع ان تعرف ماركة الملابس الداخلية للرئيس العراقي صدام حسين، هي أميركا التي عجزت عن اقناع المجتمع الدولي بضرورة غزو العراق، فذهبت إلى ذلك من دون تفويض دولي وخارج نطاق الشرعية الدولية لتحتل العراق بمساعدة ايرانية، وبناء على معلومات ثبت أنها غير صحيحة قدمها إليها أحمد الجلبي. هذا الضعف في النظام الرسمي العربي هو ما دفع مواطناً عربياً أن يكتب منادياً رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، بعد الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية، «يا خالد الترك جدد خالد العرب»، فيما نصَّب مواطن عربي آخر أردوغان أميناً عاماً لجامعة الدول العربية. هذا الضعف في نظامنا العربي يدفعنا للبحث عن بطل منقذ حتى وإن كان في الصين. إنه اليأس والإحباط والهوان وضياع الكرامة والهوية. مع ذلك أقول لتركيا حكومة وشعباً ألف شكر.