تبادل البرلمان والحكومة الانتقادات في شأن التعديل الوزاري المرتقب، وسط تشاؤم من إمكانية تحقيقه بعد انتقادات وجهتها الكتل السياسية إلى 16 مرشحاً قدمهم رئيس الوزراء حيدر العبادي للحقائب الوزارية وانسحاب عدد منهم، وهو ما أثار استياء العبادي. ووافق البرلمان في 31 من الشهر الماضي على قرار بحسم مشروع العبادي باستبدال 16 وزيراً خلال عشرة أيام تنتهي اليوم، ولكن البرلمان أرجأ الأسبوع الماضي جلساته حتى بعد غد، للحصول على وقت أكثر للتشاور بين الكتل. واستغل القادة السياسيون الحفل التأبيني الذي أقامه «المجلس الأعلى الإسلامي» أمس بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل مؤسسه محمد باقر الحكيم والمتزامنة مع ذكرى الاحتلال الأميركي للعراق للإدلاء بمواقفهم السياسية حول التعديل الوزاري، شهدت تقاطعاً واضحاً في الرؤى. وقال رئيس البرلمان سليم الجبوري خلال كلمته أن «البرلمان عمل منذ اليوم الأول لانطلاق مشروع الإصلاح الذي نادى به الشعب وكانت خطواته توازن دائماً بين ما يطمح له المواطن وما تتطلبه الأُطر الدستورية والقانونية في مقاربة ليست سهلة». وأضاف الجبوري أن «البرلمان ينتظر إنجاز ملف الإصلاح وبضمنه التغيير الحكومي الذي عملنا على إنجاحه وفق الإطار القانوني الواضح والصريح والشفاف»، وأشار إلى أن «البرلمان أحال مرشحي الحكومة الجدد إلى اللجان المختصة التي أظهرت ملاحظات على بعض المرشحين يجب الأخذ بها». وأكد أن «الوقت المتبقي يقتضي التعجيل بتقديم أسماء أخرى لضمان إتمام عملية التغيير بالوقت المحدد»، وشدد على ضرورة «إدامة التشاور مستعجلاً بين الكتل السياسية لضمان دعمها للتغيير الوزاري كونها صاحبة الحق الدستوري والسياسي بذلك»، محذراً من «أي محاولة للقفز على التوقيتات التي قطعناها للشعب العراقي». وأعرب رئيس الوزراء حيدر العبادي خلال كلمته عن استغرابه من تعرض مرشحيه ال 16 «للهجوم والتسقيط»، وقال أن «هؤلاء المرشحين يعتبرون التعديل الوزاري ليس تغييراً»، وأشار إلى أنه «فوجئ بنشر الأسماء ومهاجمتها». وأضاف «لماذا تحول التعديل الوزاري إلى أزمة»، وشدد على أنه «أراد تشكيلة حكومية لتقديم الأفضل للمواطن مع اعتزازنا بالوزراء الحاليين وما قدموه، ولكننا نحتاج مع التحديات التي نواجهها إلى تركيبة حكومية تنهض بالقطاعات المختلفة». وقال رئيس «المجلس الأعلى الإسلامي» عمار الحكيم خلال كلمته أن على رئيس الوزراء أن «يكون مدركاً بأن نجاحه سيكون معتمداً على الدعم السياسي والجماهيري الذي يحصل عليه من قادة البلد»، وأشار إلى أن «شعور الجميع بالمشاركة في القرار يمنح مساحة الثقة المطلوبة لعبور هذه الأزمة». وأضاف أنه «قدمنا مبادرتنا للإصلاح الوطني وتفهمنا احتياجات الحكومة وقيادتها التنفيذية في التعامل مع متطلبات وتحديات المرحلة»، مشيراً إلى «تقديم مقترح لتشكيل المجلس السياسي للأمن الوطني كي يكون مكاناً جامعاً لقادة العراق ويكون حلقة للحكمة والاستشارة فتكون القرارات التي تهم العراق ومستقبله متفقاً عليها من قبل قادة العراق». ولفت إلى أن «العراق أمامه اليوم فرصة كبيرة متمثلة بالدعم الدولي الواسع والتفهم الإقليمي لدوره ومساحته وتحدياته»، مشدداً على ضرورة «استثمار هذه الفرصة لتجاوز الاختناق السياسي، ونشكّل حكومة إصلاحية نمنحها الدعم المطلوب والمساحة الكافية كي تتمكن من إيجاد الحلول الجوهرية للمشاكل المستعصية». وقال رئيس الجمهورية فؤاد معصوم خلال كلمته أن «تجاوز اللحظة الراهنة يتطلب الكثير من التضحية وإدراكاً عميقاً لمسؤولياتنا إزاء شعب صبر واحتمل كثيراً وبذل أكثر مما بذلناه كقيادات من أجل ترسيخ استقرار العملية السياسية وتعزيز الديموقراطية». وأضاف: «إننا أمام تحدي الحفاظ على استقرار العملية السياسية وهي المسؤولية المنوطة بنا بعدما قدم الشعب كل شيء ومختلف التضحيات»، وأشار إلى أن «الوصول إلى لحظة استقرار أمني تساعد في تهيئة ظروف ملائمة للتقدم في المسارات الأخرى، خصوصاً في مجال الإصلاح وتقوية المسار السياسي والاقتصادي والمصالحة الوطنية الحقيقية وهي الشرط الأهم للتقدم بسلام وتحقيق الإصلاح المنشود». ومع أنباء انسحاب ستة مرشحين من قائمة العبادي وتحفظات اللجان النيابية على الباقين، أعلنت كتل سياسية أنها ستقدم مرشحين جدداً تنطبق عليهم مواصفات مرشحي الحكومة نفسها، فيما ما زالت كتل أخرى تدرس خيارتها قبل انعقاد جلسة البرلمان الثلثاء المقبل. وقال عضو «المجلس الأعلى الإسلامي» حميد المعلة ل «الحياة» أن كتلة المواطن أكملت قائمة خاصة بها للحقائب الوزارية التابعة لها، النفط والنقل والشباب والرياضة تضم عدة مرشحين لكل وزارة وتنطبق عليهم صفة التكنوقراط، رافضاً الكشف عن أسمائهم. وأضاف أن «كتلة المواطن من أولى الكتل التي قدمت استقالات وزاراتها إلى رئيس الوزراء كبادرة لإثبات جديتنا في الإصلاح»، وشدد على ضرورة التشاور بين الكتل السياسية في شأن المرشحين الجدد، لافتاً إلى أن تجاهل الكتل في ذلك بحجة تشكيل حكومة مستقلة يلاقي رفضاً من غالبية الكتل السياسية. واستبعدت النائب عن «اتحاد القوى العراقية» انتصار الجبوري إمكانية التصويت على الكابينة الوزارية الجديدة خلال جلسة البرلمان، وقالت في بيان أمس أن «هناك إجماعاً واسعاً بين الكتل على رفض المرشحين الجدد، فيما سيأخذ مرشحو الكتل وقتاً إضافياً حتى التوافق السياسي». وأشارت إلى أن كتلتها ستعقد اجتماعاً حاسماً بحضور قادة اتحاد القوى لبحث الموقف من التعديل الوزاري ومرشحي الاتحاد للحقائب الوزارية. وأعلنت النائب عن «التحالف الكردستاني» نجيبة نجيب أمس أن وفد حكومة إقليم كردستان بزعامة نيجرفان بارزاني إلى بغداد أبلغ العبادي أول من أمس بضرورة استشارة المسؤولين والنواب الأكراد في بغداد في شأن تسمية المرشحين الجدد لحقائب التحالف. وأضافت في تصريحات أمس أن «الكتل الكردية ليست متفائلة بتجاوب العبادي في ما يخص موضوع استشارتها»، مشيرة إلى أن «العبادي سبق له أن وعدنا بذلك لكنه فاجأنا بتقديم الكابينة الجديدة في شكل فردي».