نيقوسيا – أ ف ب - دعا البابا بنديكتوس السادس عشر أمس في نيقوسيا إلى حوار الديانات بين المسيحيين والمسلمين، مؤكداً أنه «عمل مثابرة» وذلك في اليوم الثاني من أول زيارة يقوم بها إلى جزيرة قبرص. وقال البابا إن «الكثير لم ينجز بعد في العالم» في الحوار بين الأديان، في الجزيرة المقسمة بين جمهورية شمال قبرص التركية (التي لا تعترف بها سوى أنقرة) وغالبية سكانها من المسلمين وجمهورية قبرص في الجنوب حيث الغالبية من الأرثوذكس. وفي هذا السياق، اعتبر البابا أن أمام الكاثوليك القبارصة «فرصاً لإنجاز عمل منصف وحذر»، مؤكداً أنه «فقط بالمثابرة يمكن بناء الثقة المتبادلة وتجاوز عبء التاريخ والاختلافات السياسية والثقافية بين الشعوب لتتحول إلى دوافع العمل على تفاهم أعمق». وزاد: «أشجعكم على الدفع ببلورة تلك الثقة المتبادلة بين المسيحيين وغير المسيحيين كقاعدة لإرساء سلام دائم». وأعلن البابا أول من أمس على متن الطائرة التي أقلته إلى قبرص انه «يجب أن نكون قادرين على الحوار مع إخواننا المسلمين ومواصلة هذا الحوار من أجل تعايش يكون مثمراً أكثر فأكثر». ودعا أيضاً الكاثوليك إلى الحوار داخل الكنيسة المسيحية. ويزور البابا قبرص بدعوة من رئيسها ديمتري خريستوفياس ورئيس أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية القبرصية خريسوستوموس الثاني الذي استقبله في مقر البطريركية في نيقوسيا. وفي كلمة ألقاها في حديقة القصر الرئاسي بحضور الرئيس خريستوفياس والسلطات المدنية وأعضاء السلك الديبلوماسي، أشاد البابا ب «العلاقات الشخصية» في حل «الأوضاع السياسية الصعبة». وأضاف: «في البلدان التي تشهد أوضاعاً سياسية صعبة يمكن أن تكون مثل هذه العلاقات النزيهة والمفتوحة، مقدمة خير أعمّ للمجتمعات والشعوب بأسرها». ودعا البابا أمس إلى «تسوية عادلة» للمسألة القبرصية. وأمل خلال زيارة قام بها إلى مقر خريسوستوموس الثاني «بأن يتحلى سكان الجزيرة بالحكمة والقوة الكافيتين للعمل معاً من أجل قيام حلّ عادل للمسائل التي لم تجد حلاً بعد، توصلاً إلى السلام والمصالحة». وزاد أن هذا الحل سيتيح أيضاً «بناء مجتمع للأجيال القادمة يتميز باحترام حقوق الجميع وبينها الحقوق غير القابلة للتصرف مثل حرية الرأي والمعتقد». وكان الرئيس القبرصي أعاد في أيلول (سبتمبر) 2008 إطلاق مفاوضات توحيد الجزيرة المقسمة منذ 35 عاماً، بفضل العلاقات الجيدة التي يقيمها مع محمد علي طلعت الرئيس السابق ل «جمهورية شمال قبرص التركية». لكن انتخاب درويش اروغلو الذي يوصف بأنه قومي متشدد، محل طلعت أرخى بظلال من الشك على نجاح المفاوضات المتعثرة. من جهته، ندد خريستوفياس «بالاحتلال العسكري الأليم» من قبل تركيا لثلث جزيرة قبرص، مذكراً بأن نيقوسيا «تظل آخر عاصمة أوروبية مقسمة». ودعا إلى قيام «فيديرالية» بين قسمي الجزيرة، مشيراً إلى أن ذلك «يتطلب من تركيا أن تغير سياستها وأن تفاوض». وطلب من المجتمع الدولي «ممارسة نفوذه» في هذا الاتجاه. إلى ذلك، دعا البابا الكاثوليك إلى الحوار المسكوني (مع الطوائف المسيحية الأخرى). ويسلم البابا بطاركة الشرق الكاثوليك خلال قداس اليوم وثيقة للمناقشة ستمهد لعقد مجمع في روما حول الشرق الأوسط في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.