أعلنت موسكو أمس، أنها ستبدأ «في غضون أيام» تسليم طهران الدفعة الأولى من منظومات «أس-300» الصاروخية المتطورة، بعدما سوّى الطرفان «مشكلات عالقة» عرقلت تنفيذ الصفقة. وأكد توماس شانون، مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية، أن بلاده «نالت تعهداً من الروس في ما يتعلق بالعمل لمنع نقل تكنولوجيا البرنامج الإيراني للصواريخ الباليستية». وأضاف في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أن الروس «ملتزمون تعهداتهم عدم نقل هذه التكنولوجيا أو تسهيل نقلها». وشدد على أن الولاياتالمتحدة ستستخدم حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن، لمنع بيع طهران مقاتلات روسية من طراز «سوخوي-30». ونفى «إشاعات غير صحيحة» أفادت بأن إدارة الرئيس باراك أوباما تتخذ خطوات لتمكين إيران من دخول النظام المالي الأميركي، أو استخدام الدولار في تعاملاتها. وأعلن أن الإدارة مستعدة ل «تجديد قانون عقوبات إيران» الذي ينتهي تطبيقه نهاية السنة، إذا لم يتعارض ذلك مع الاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست. إلى ذلك، تعهد قائد «الحرس الثوري» الإيراني الجنرال محمد علي جعفري إبقاء الولاياتالمتحدة في «هلع» من البرنامج الصاروخي لبلاده، معتبراً أن الاتفاق النووي ليس «نموذجاً». ووجّه انتقادات إلى حكومة الرئيس حسن روحاني ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني والإصلاحيين. كما وصف «حزب الله» اللبناني بأنه «الحقيقة الأجمل في شرق البحر المتوسط». وبعد تأجيل متكرر، أكد مدير دائرة آسيا في الخارجية الروسية زامير كابولوف، أن تسليم طهران الدفعة الأولى من أنظمة «أس-300» سيتم في غضون أيام، مؤكداً توصل الطرفين إلى اتفاقات حول كل المسائل العالقة. وكانت الصفقة التي تبلغ قيمتها نحو بليون دولار، أُبرمت العام الماضي، لكن تنفيذها تأخّر أكثر من مرة، بسبب خلافات حول «تفاصيل فنية» وفق موسكو. وأبلغت مصادر ديبلوماسية روسية «الحياة»، أن نقطتين أساسيتين عرقلتا تنفيذاً سريعاً للاتفاق، أولهما خلاف حول آلية دفع قيمة العقد، والثانية تتعلّق بدعوى رفعتها طهران على موسكو، بعد تجميد العقد الأول المُبرم عام 2007. وكان الطرفان توصلا إلى اتفاق لسحب الدعوى عند بدء روسيا تنفيذ العقد الجديد، لكن الإيرانيين اشترطوا تسلّم الدفعة الأولى من الصواريخ لسحب الدعوى، ما أثار استياء موسكو، قبل أن يتوصل الجانبان إلى حلّ وسط يقضي بتزامن العمليتين. في طهران، تعهد جعفري «إنتاج مزيد من الصواريخ التي باتت اكثر دقة وتدميراً»، معتبراً أن موقف الأميركيين في هذا الصدد «هو انفعالي وناجم من هلع شديد، وعلى الأعداء أن يبقوا في دائرة هذا الهلع». وأضاف خلال اجتماع لقادة «الحرس»: «إذا كان الاتفاق النووي يُعتبر نموذجاً، فإن ذلك مؤشر إلى قصر نظر وإذلال للذات». ورأى فيه «وثيقة ديبلوماسية تنسجم مع سلوك العدو ولؤمه وعدم التزامه المواثيق، ولا يمكن أن تحدد سلوك النظام السياسي الإيراني». ونبّه إلى أن الاتفاق لم يحقّق أي إنجاز للشعب الإيراني «لكي نُبرم اتفاقات جديدة مع العدو»، لافتاً إلى «شخصيات تتحدث عن اتفاقات أخرى، وهذه مطالب المعادين للثورة الذين يريدون إذلال شعبنا»، يشير بذلك إلى روحاني، الذي دعا مواطنيه إلى انتظار اتفاقات «ثانية وثالثة» مع المجتمع الدولي. وحذر جعفري «مَن يريد الانفتاح على العالم من دون أن يتمتع بحسابات ثورية ومقاومة لتحقيق مصالح النظام»، من أنه «سيقع في مستنقع الدول الغربية». وشدد على أن «الأفكار السياسية المنافية للثورة لن تدوم، وإن هيمنت في مرحلة معينة على الحكومة أو على مجلس الشورى (البرلمان)»، منبّهاً إلى «تيار جديد مؤيد للغرب يضمّ عناصر التغلغل الأميركي»، ومستدركاً أن «الشعب الإيراني الثوري لن يسمح بنموّ بذور خيانة هذا التيار». وأشار إلى أن «الثورة كانت أكبر من كل الفتن التي تعرّضت لها إيران، مثل الحرب (مع العراق) والعقوبات وفتنة 2009 (بعد انتخابات الرئاسة) وحكومة الإصلاحات والدورة السادسة للبرلمان»، في إشارة إلى حكومة الرئيس السابق محمد خاتمي والبرلمان الذي سيطر عليه الإصلاحيون عام 2000. وفي إشارة ضمنية إلى رفسنجاني، قال جعفري: «علينا ألا نقلق من سلوك معادٍ للثورة تبديه شخصيات تعمل من داخل النظام». وأشار إلى أن «الحرس الثوري يصون الثورة لتعبر مرحلتها الثالثة بفطنة». ووصف «حزب الله» بأنه «فخر للعالمَين العربي والإسلامي»، وزاد: «ندعم وندافع بكل وجودنا عن الحقيقة الأجمل في شرق البحر المتوسط، أي حزب الله لبنان».