عندما ينال الشخص منّا الثقة ويُعطى الفرصة ليطرح رأيه وفكره على صفحات الصحف، التي يقرأها مئات الألوف من الناس، بل والملايين، يجب أن يتذكّر بعض الأمور الأساسيّة قبل أن ينشر غثّه وسمينه أمام مرأى القرّاء المحترمين. وأذكر بعض هذه الأساسيات، لكي يستفيد منها الجميع: - تذكّر أن القلم أمانة، ستحاسب عليها أمام الله سبحانه وتعالى، سواء حاسبك عليها ذوو الاختصاص في الدنيا أم لم يحاسبوك. - استغلالك لقلمك لأغراض شخصيّة، هو أمر أكثر الأمور وضاعة في منظور المهنيّة الصحافيّة، ولذلك، تأكّد من أنّ القارئ في عصرنا الحالي، يعرف جيّداً أين يضعك في مخيّلته، بمجرّد معرفته لمدى استغلالك لقلمك، سواء لخدمة قضايا المجتمع وحل قضايا الآخرين، أو لتسخيره لشخصك أو لفريقك أو لاعبك المفضّل، بلا أي إنصاف وصراحة مهنيّة. - استغلالك لقلمك لغرض الإساءة للآخرين لأسباب شخصيّة أو حتّى بسبب اختلاف بالآراء، هو أمر غاية بالسوء والظلم والبهتان. فقلمك يحسب لك كلمات الصدق والأمانة، ولكنّه أيضاً يحسب عليك كلمات الكذب والخيانة والبهتان التي تطرحها ضدّ آخرين، سواء بذكرها صراحةً، أو حتّى بطريقة غير مباشرة. - القارئ ينتظر من الكاتب أن يطرح له طرحاً مفيداً، تجعله يشعر أنّه أضاف لفكره ولمعلوماته بعد أن ينتهي من قراءة ذلك الطرح. ولذلك، فهو يشعر بالإهانة والملل والخذلان، عندما يقرأ مقالة فيها سم زعاف ضد شخص أو هيئة ما، فقط لأن حضرتك لا تحبّهم أو لأن بينك وبينهم خلافاً، ليس للقرّاء شأن أو دخل فيه! - المساحة التي تكتب فيها مقالتك، هي مساحة مخصّصة لطرحك بكل تأكيد، ولكن ذلك لا يعني أنّها لك أو ملكك لكي تعلن من خلالها لمنتج من منتجاتك أو لناديك أو لاعبك المفضّل! فالمساحات الإعلانيّة المخصّصة للإعلان التجاري والاجتماعي والشخصي، مكانها مختلف عن زوايا الكتابة الرصينة، والتي من شأنها تقدير عقليّة القارئ الكريم. - إنصافك بحق من تختلف معهم، هو رقيّ ونبل! بل هو الاختبار الحقيقي لك ككاتب ناجح! وقد ذكر الله تعالى في الكتاب الحكيم في سورة المائدة، قوله تعالى: «ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألّا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى». أي أنّه نهى سبحانه وتعالى عن جعل خلافاتنا مع الآخرين، سبباً يصدّنا عن قول الحق وذكر الحقيقة، حتّى لوكانت لصالحهم! - تسخير قلمك للمتحجّرين في الرأي ولمتطرّفي الفكر المتعصّب، يجعلك إمّعة في نظر أهل المهنة الصحافيّة، بل وأضحوكة في أعين القرّاء الذين لم تعد تنطلي عليهم مثل تلك الألاعيب الصبيانية القديمة. بل وستكون أوّل ضحيّة لمن يجعلك لعبة في يده من هؤلاء الذين رضيت بأن تسخّر شخصك وقلمك لسمومهم وخربشاتهم. - مهنة الصحافة، هي مهنة سامية، وُجدت لتقال من خلالها كلمة الحق بكل حرّيّة، ووجدت لتكون صوت من لا صوت له، ولتقوم بإيصال رسائل المجتمع المختلفة بين شرائح المجتمع المختلفة، بل ولإيصال رسائلهم أيضاً لولاة الأمر، والعكس صحيح. أي أنّها في النهاية، مهنة تعمل بشكل جليّ للصالح العام، ولم تكن قط أداة للمصالح الشخصيّة وللمنظور الفكري الضيّق. حافظ على قلمك، واتّقِ الله بطرحك، وتأدّب مع الله ومع الناس. www.almisehal.net