أنقرة، اسطنبول - أ ف ب، رويترز - أكد الرئيس التركي عبدالله غُل أمس أن الهجوم الإسرائيلي على «أسطول الحرية» الذي كان ينقل مساعدات إلى قطاع غزة ألحق أضراراً «لا يمكن إصلاحها» بالعلاقات بين بلاده وإسرائيل، مشدداً على أن هذه العلاقات «لن تعود أبداً إلى ما كانت عليه». وقال غُل في تصريحات بثها التفزيون: «من الآن فصاعداً لن تعود العلاقات التركية - الإسرائيلية إلى ما كانت عليه أبداً. لقد خلف هذا الحادث ندبة عميقة لا يمكن إزالتها». وأضاف أن الهجوم الذي قُتل فيه ثمانية أتراك وأميركي من أصل تركي «ليس أمراً يمكن نسيانه... أو التغطية عليه». وأعلن وزير الطاقة التركي تانر يلدز أمس أن بلاده لن تدرس إقامة أي مشروعات مشتركة مع إسرائيل إلى أن تعود العلاقات إلى طبيعتها. إلى ذلك، نفى رئيس المؤسسة الخيرية التركية التي نظمت «أسطول الحرية» بولنت يلديريم الرواية الإسرائيلية للأحداث التي وقعت على متن السفينة «مافي مرمرة» بعدما اعتلاها كوماندوز إسرائيليون. وأكد تسلم تسع جثث، لكنه أشار إلى أن «لدينا قائمة أطول من المفقودين. لقد سلمونا تسع جثث، وستتعرف العائلات إليها، لكن لائحة الشهداء أطول... ثمة أشخاص مفقودون. لقد سلمهم أطباؤنا 38 جريحاً... وفي المقابل، قالوا لنا إن هناك 21 جريحاً فقط». ورداً على سؤال عن احتمال اختفاء اشخاص، أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو ليل أول من أمس أن السلطات المختصة ستضع «لائحة» بالأشخاص. وأضاف: «لا سبب يدعو إلى القلق في الوقت الراهن. وعندما يصل جميع رعايانا إلى بلادهم، سنضع لائحة، وإذا تبين أن ثمة اشخاصاً مفقودين، سنتابع هذه الحالات حتى النهاية». وأكد يلديريم الذي كان على متن السفينة في مؤتمر صحافي عقده لدى عودته إلى مطار اسطنبول أمس، أن منظمته ستواصل تحركها «حتى رفع الحصار» عن غزة. وقال: «لسنا خائفين من تقديم الشهداء... إذا اقتضت الضرورة، وبمساعدة الجميع، سنرسل أساطيل أكبر وقوافل برية أكبر، على أن تصل في وقت واحد من مصر وعبر البحر». وأشار إلى أن ناشطين انتزعوا أسلحة عشرة جنود دفاعاً عن النفس، لكنهم ألقوا بها في البحر ولم يستخدموها. وأضاف: «نعم... أخذنا أسلحتهم. كان سيعتبر دفاعاً عن النفس حتى لو أطلقنا الرصاص من بنادقهم، لكن البعض صاح فيهم حتى لا يستخدموا الأسلحة. قلنا لأصدقائنا على ظهر السفينة إننا سنموت ونصبح شهداء، لكن لا تدعونا نظهر أبداً... بأننا من استخدم السلاح. وبهذا القرار قبل أصدقاؤنا الموت وألقينا جميع الاسلحة التي انتزعناها منهم في البحر». ولفت إلى أن الكوماندوز الإسرائيليين استخدموا الطلقات المطاطية من مسافة قريبة قبل أن يبدأوا في استخدام الذخيرة الحية بعد أن هاجمهم بعض الناشطين بالمقاعد والهراوات. وقال: «نشر الإسرائيليون تسجيلات فيديو للهراوات التي استخدمت على متن السفينة لكنهم أضروا بصورة الجيش الاسرائيلي القوي إذ شاهد العالم كيف أن حفنة من المتطوعين استطاعوا تحييدهم». وأكد أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على طبيب إندونيسي بينما كان يسعف جندياً إسرائيلياً مصاباً. وقال: «بينما كان الاشتباك يجري على سطح السفينة كنا نقدم الرعاية للإسرائيليين في الطابق السفلي، وبينما كنا نعطيهم المياه أبلغنا بأن أصدقاءنا ماتوا هناك. قلنا للطبيب الاندونيسي أن يأخذ الجندي الى مؤخرة السفينة، فأخذ مريضه وبينما كان يتوجه إلى مؤخرة السفنية أطلقوا عليه خمس رصاصات في المعدة». ووصف أيضاً كيف أطلق الجنود الرصاص على جبهة مصور من مسافة قريبة. وأضاف أن النيران أطلقت على ناشط ثالث خلال استسلامه، «خلعت قميصي ولوحت به كراية بيضاء لكنهم واصلوا القتل». وأكد أن «صديقاً لنا رأى جثتين في دورة مياه». وكان أحد القتيلين شاب في التاسعة عشرة من عمره يدعى فرقان دوغان وهو مواطن تركي يحمل الجنسية الأميركية. وذكرت وكالة الأناضول الرسمية للأنباء أنه أصيب بأربع رصاصات في الرأس وواحدة في الصدر، كما أشارت إلى أنه جرى أيضاً التعرف على جثة بطل التايكوندو الوطني جيتين توبك أوغلو. من جهتها، أكدت الناشطة البلجيكية كينزا إسناني التي كانت على متن السفينة التركية «مافي مرمرة»، أن الناشطين لم يكونوا مسلحين كما أعلنت السلطات الإسرائيلية. وقالت إن «الناشطين على متن السفينة تصرفوا بطريقة غير عنيفة ومسالمة. لم يكن ثمة أسلحة. لم يصدر أي تصرف استفزازي أو نية في التسبب بأعمال عنف على الإطلاق». وتابعت: «رأينا اشياء مرعبة، أشياء لم يخطر في بالنا لحظة أن نعيشها في حياتنا... فليعرف العالم أجمع ما حصل على متن تلك السفينة. وهذا أمر مهم للقتلى ولآلاف الفلسطينيين الذين يعانون وينتظرون منا أن نفعل شيئاً من أجلهم، وأن ننهي هذا النزاع، وأن يحل السلام، بكل بساطة». وشددت على أن الرحلة حققت «انتصاراً» لأنها أتاحت حشد الرأي العالمي لغزة. وقالت: «أدهشتنا التعبئة التي حصلت وإدراك الناس أخيراً أن الوضع يزداد خطورة في فلسطين، وفي قطاع غزة الذي يخضع للحصار في هذا الوقت. إنه انتصار على هذا المستوى، لكنني أفكر فعلاً في من قتلوا على متن السفينة».