دعا رئيس المركز الاستشاري للدورات القانونية المستشار سعد بن حمد الوهيبي الجهات المختصة في السعودية إلى التأهب ودق ناقوس الخطر، بعد إحصاءات الطلاق الصادرة عن وزارة العدل في بلاده أخيراً. وعزا دعوته تلك إلى أن حالات الطلاق - التي فاقت 28 ألف حالة العام الماضي - تعني أن نحو 80 ألف شخص من سكان المملكة يتعرضون للمعاناة سنوياً، فيما لو افترضنا نشوء 3 أطفال عن كل حالة زواج انتهت بالانفصال، وهو عدد تتجاوزه حالات كثيرة. واعتبر الوهيبي - الذي تخصص في الاستشارات الأسرية، ومتابعة مشكلات عنف أسرية وقضايا زوجية في المحاكم عبر نشاطه القانوني - أن المال بات مصدر إفساد للحياة الزوجية في أحيان كثيرة، في وقت تقلب فيه أسر موازين الأدوار التي أرستْها الشريعة. وذكر «الحياة» - في اتصال هاتفي أن قناعته التي اكتسبها من التجربة الميدانية، تدفعه للجزم بأن «غالبية العائلات السعودية استخدمت الأموال في الشق الأسري سلباً، وحولته من عنصر إصلاح إلى النقيض تماماً، بعد اختلاف الأبوين في تصريف أمور الحياة، والطمع في مال الزوجة، وإطلاق أيدي الأبناء في الإنفاق بأساليب لا تخدم الأهداف التربوية أحياناً». وأكد أن «ارتفاع نسبة الطلاق في المملكة لها أسباب عدة منها عدم اتباع أحد الزوجين أو كليهما الكتاب والسنة، لأن طلب الطلاق من المرأة شيء عظيم، خصوصاً إذا كان هناك أطفال، وبالتالي يجب تحكيم حكمٍ من أهله وحكمٍ من أهلها على أن يكونا من الثقات وهذا قبل التقدم إلى القضاء، كما أن هناك أيضاً بعض الأزواج لا يراعون الله في الأمانة الملقاة على عاتقهم وهي الزوجة ويماطل في تطليقها لا لشيء إلا التنكيل بها وهذا شيء محرم يأثم عليه الزوج، كما أن هذا النوع من القضايا حساس وشائك». وأضاف «هناك أمر آخر وهو الأغلب - كونه سبباً للطلاق - وهو المال بين الزوجين وهو الحافز الرئيسي من وجهة نظري في ارتفاع نسبة الطلاق، فكما يعلم الجميع؛ لم تكن للمرأة السعودية مجالات كثيرة في سوق العمل، أما الآن فهي في معظم المجالات، وعندما يكون لها مصدر رزق تكون هناك استقلالية نسبية عن الزوج، وبالتالي ينشأ نوع من المنافسة بين الطرفين، إذ يرغب كل واحد منهما في أن يسيطر على الآخر وأن يكون هو سيد الموقف، وبالتالي ينشأ النزاع وهناك أيضاً بعض الأزواج يفرض ضريبة على زوجته مقابل أن يسمح لها بالعمل لأنه يتعذر بأن هذا الوقت ملكه وأنه يستطيع إخراجها من عملها وهذا طبعاً لا يجوز، إذ إن العلاقة الزوجية بنيت على المودة والرحمة. وعليه فإنني أقول إن زيادة نسبة الطلاق في المملكة السبب فيها الخلافات المالية كعنصر أساسي». وقال الوهيبي: «عندما كنت أقوم بمراجعة المحاكم وجدت شيئاً لم أكن أعلم بوجوده وهو لجان لإصلاح ذات البين داخل كل محكمة، تقوم باستدعاء الزوج والزوجة للإصلاح بينهما قبل بدء النظر في الطلاق وهذا أيضاً من الاشياء التي أنعم الله علينا بها في السعودية. وهذا الجهد المبذول من وزارة العدل ووزير العدل شخصياً حقق نتائج إيجابية لإصلاح البين. كما أن وزارة العدل أوجدت عدداً من القضاة أصحاب الخبرة في القضايا الأسرية وذلك لأهمية هذه القضايا وتعلقها بأسرة كاملة، فتتم محاولة حل الإشكال قبل تفاقمه ومحاولة الوصول إلى حلٍ مرضي للطرفين قبل السير في نظر طلب الطلاق». ووفقاً لذلك، فإن الوهيبي يرى: «المودة والرحمة والعمل بما أنزل الله في الكتاب والسنة هو الحل الوحيد لتقليل هذه النسبة الكبيرة من الطلاق وعلى الزوجين مراعاة الله عز وجل والبعد عن الأنانية والنظر إلى مستقبل أطفالهما والحفاظ على بيت الزوجية مهما كان ثمن ذلك». وبين المستشار الوهيبي أن حالات الطلاق لا يترتب عليها أثر سلبي فردي فقط وإنما هو أثر سلبي جماعي واجتماعي، إذ إنه في بعض الحالات يطلب أحد الزوجين رؤية الأطفال بعد الطلاق داخل أقسام الشرطة، ما يؤثر في سلوك الطفل ونفسيته، ولا يُعرف ذلك إلا عندما يكبر هذا الطفل وتبدأ المشكلات النفسية التي يكون مردودها على المجتمع كافة كما أن العناد بين الزوجين اللذين يرغبان في الانفصال قد يؤدي في بعض الأحيان إلى أن يدعي كل منهما على الآخر بما ليس لائقاً أخلاقياً، ما يؤثر في سمعة هذه الزوجة ويجعل فرصة الزواج لها من آخر ضئيلة جداً». وحث الوهيبي كل زوج وزوجة على أن ينظرا إلى الأسرة بعين الجمع وليس بعين الفرد أو المصلحة الفردية، وأن يتقيا الله عز وجل في نفسيهما وأطفالهما وأن يعلما أنهما محاسبان عن رعيتهما. وأضاف أنه من الإشكالات التي تحدث أيضاً بين الزوج والزوجة «أن تقوم الزوجة في بعض الحالات بمساعدة والدها أو والدتها مادياً فيعترض الزوج على ذلك لكونه يعتقد أن هذا حق مكتسب له، وقد نسي أنه هو شخصياً مكلف بأن ينفق على والديه إن لم يكن لهما مصدر رزق، وبالتالي فلها الحق أيضاً في أن تبرَّ والديها من مالها الخاص إذا كان لها مصدر رزق مستقل وهذا واجب ديني لا ينكره أحد. وعلى الأزواج اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: (رفقاً بالقوارير)». وكانت وزارة العدل أعلنت أن إجمالي عقود الزواج التي تمت في السعودية خلال عام واحد 144.436 عقداً بمعدل 396 عقد زواج يومياً. وأبان التقرير الصادر بهذا الخصوص أن إجمالي العقود التي تمت في المحاكم نسبتها 14 في المئة، في حين بلغ عدد العقود التي تمت عن طريق المأذونين 86 في المئة. وأوضح التقرير أن إجمالي صكوك الطلاق في المملكة بلغ 28867 صك طلاق أي بمعدل 79 صك طلاق يومياً. كما أشار إلى أن عدد المأذونين المرخص لهم بلغ 3655 مأذوناً ومتوسط عمل المأذون بلغ 27 عقداً خلال العام.