أعلنت إسرائيل الإفراج عن جميع الناشطين الذين كانوا على متن «أسطول الحرية» تمهيداً لترحيلهم، في وقت لاقى العشرات من المفرج عنهم استقبالاً شعبياً ورسمياً في الأردن بعد عبورهم جسر الملك حسين. غير ان إغلاق إسرائيل هذا الملف لم ينه متاعبها، خصوصاً مع اتساع نطاق الدعوات الى رفع الحصار عن غزة وإجراء «تحقيق دولي مستقل» في الهجوم على السفينة، إضافة الى تفاعل الأزمة مع تركيا التي هددت بإعادة النظر في العلاقات مع اسرائيل وسط مطالبات بمقاضاتها، ثم عقد اجتماع وزاري عربي لإقرار خطة تحرك رداً على الهجوم الإسرائيلي، في وقت يلوح في الأفق القريب شبح أزمة جديدة مع سفينة ايرلندية في طريقها لكسر الحصار على غزة. ودافع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو عن موقفه مساء امس، في أول تعليق علني له منذ الهجوم الاسرائيلي على سفينة «مرمرة» التركية الذي ادى الى مقتل تسعة اشخاص، قائلا: «إسرائيل تتعرض لحملة دولية من الرياء... هذه ليست المرة الأولى التي نتعرض فيها لهجوم كهذا... القانون الدولي والمنطق السليم يتيحان اعتراض شحنات أسلحة لغزة. من حقنا أن نفتش كل سفينة متجهة إلى غزة... لو لم نعترض السفن التي ابتغت فك الحصار عن غزة، لكنّا أعطينا الضوء الأخضر لمئات وآلاف السفن التي كانت ستشحن كميات هائلة من الأسلحة... لو أتحنا ذلك لأصبح ميناء غزة ميناء ايرانياً يشكل تهديداً لأمن إسرائيل، ولأمن اوروبا». وكرر رواية الجيش عن تعرض الجنود الإسرائيليون إلى محاولة «فتك»، وقال إن «الإبحار لم يكن من أجل السلام إنما من أجل الكراهية». وأضاف أن دولاً أخرى كانت لتتصرف التصرف ذاته وربما كانت النتائج أفدح بكثير. وزاد: «سنواصل الدفاع عن مواطنينا وعن حقنا في الدفاع عن النفس... أمن مواطنينا قبل كل شيء وفي هذا كلنا موحدون». غير ان شهادات مشاركين في «أسطول الحرية» ممن أُطلقوا خلال اليومين الماضيين، فنّدت الرواية الإسرائيلية لما حدث خلال الإعتداء على السفن، اذ اكدوا أن البحرية الإسرائيلية بادرت بإطلاق نيرانها على الأسطول، كما نفوا وجود أسلحة في حوزة أي من المتضامنين. ورووا وقائع الإهانات التي تعرضوا لها والعنف الشديد الذي تعامل به الجنود معهم. علماً ان سفينة «راشيل كوري» الايرلندية في طريقها الى غزة، في حين ابلغ عضو «الحملة الاوروبية لرفع الحصار» رامي عبده «الحياة» ان التحضير بدأ لتسيير «اسطول الحرية 2» الى غزة، موضحاً انه تم تمويل 3 سفن جديدة حتى الآن. وشهدت الكنيست أمس جلسة صاخبة تعرضت خلالها النائب حنين زعبي إلى محاولة اعتداء على خلفية مشاركتها في «أسطول الحرية» وتفنيدها الرواية الإسرائيلية عما حصل عند هجوم الكوماندوس. كما تعرضت زعبي للشتم البذيء من عدد من نواب الأحزاب الصهيونية. وطلب رئيس الكنيست من الحراس إنزال زعبي عن المنصة بداعي أن تجاوزت الوقت المسموح لها. في غضون ذلك، تواصلت الدعوات الى اجراء تحقيق دولي في الهجوم، اذ تبنى مجلس حقوق الانسان في الأممالمتحدة امس قراراً ينص على «ارسال لجنة دولية للتحقيق في شأن خرق القوانين الدولية»، وهو قرار وصفته مصادر سياسية اسرائيلية بأنه «خزي وعار» للجنة. كما دعا الرئيس محمود عباس في مؤتمر للاستثمار في بيت لحم ب «موقف عربي لرفع الحصار ولجنة تحقيق دولية ترفع نتائجها الى مجلس الامن»، ودان استمرار حصار غزة، مطالباً اميركا ب «قرارات شجاعة». كما انضمت بريطانيا وإسبانيا الى فرنسا وروسيا والصين في الدعوة الى رفع الحصار عن غزة. وكانت نيكاراغوا اعلنت قطع علاقاتها الديبلوماسية مع اسرائيل. وأبدت مصادر اسرائيلية رفيعة قلقها من الدعوات الى تحقيق دولي، خصوصاً تصريح وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كيلنتون بأن الولاياتالمتحدة «منفتحة على شتى الطرق التي تضمن صدقية التحقيق» في الهجوم الدموي، بعدما كانت قالت انها تدعم «اجراء تحقيق سريع وحيادي وذي صدقية... ان تحقيقاً اسرائيلياً يلبي هذه المعايير». واكدت مصادر عسكرية ان الجيش وحده سيجري تحقيقاً في ما جرى. وفي إطار التحرك العربي رداً على العدوان الاسرائيلي، أقر وزراء الخارجية العرب خلال اجتماع طارئ مساء امس خطة تحرك للرد على الجريمة وحزمة إجراءات قانونية وسياسية وديبلوماسية للتعامل معها. وكان المندوبون الدائمون للدول العربية لدى الجامعة اجتمعوا أمس للمرة الثانية، وأعدوا في الاجتماع الذي شارك فيه الأمين العام للجامعة عمرو موسى، «مسودة بيان» تم رفعها للاجتماع الوزاري، وتتضمن مقترحات وأفكاراً عدة في شأن سبل التحرك في المرحلة المقبلة في إطار الرد على الجريمة. وكانت الأزمة بين تركيا واسرائيل ما زالت تتفاعل امس، ففيما تواصلت التظاهرات امام البعثات الديبلوماسية الاسرائيلية، صرح وزير الخارجية احمد داود اوغلو بأنه طلب من نظيرته الاميركية خلال لقائهما اول من امس في واشنطن التدخل لاطلاق المتضامنين الاتراك المحتجزين في اسرائيل، مهدداً بإعادة النظر في العلاقة مع اسرائيل ما لم يُطلقوا في غضون 24 ساعة ويُرفع الحصار عن غزة. وكان رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان قال في مكالمة هاتفية مع الرئيس باراك اوباما مساء الثلثاء ان «اسرائيل مهددة بخسارة صديقتها الوحيدة في المنطقة، والتي هي اكثر من اسهم في السلام الاقليمي». كما طالب البرلمان التركي امس بإعادة النظر في العلاقات مع اسرائيل، و«استخدام الوسائل القانونية الوطنية والدولية المتوافرة ضد اسرائيل»، وتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في الهجوم، مطالباً الدولة العبرية باعتذار رسمي وتقديم مرتكبيه الى القضاء وتعويض الضحايا. بموازاة أزمة السفن، بدا ان مساعي المصالحة الفلسطينية ستمنى بالفشل، اذ كشفت مصادر فلسطينية ل «الحياة» أن حركة «حماس» ترفض استقبال الوفد الذي كلّف الرئيس محمود عباس رئيس منتدى فلسطين رجل الأعمال منيب المصري تشكيله وقيادته في زيارة لقطاع غزة. واوضحت ان «حماس» أبلغت الوفد وحركة «فتح» بعدم رغبتها في استقباله في حال لم يشارك في عضويته قياديون بارزون من «فتح» التي تقود السلطة الفلسطينية ممن لهم علاقة بملف المصالحة. وأشارت الى أن «حماس» اشترطت ابلاغها مسبقاً بأسماء الوفد لأنها «ترفض أن يدخل وسطاء جدد على خط المصالحة نظراً الى أن مواقف الأطراف كلها باتت واضحة ومعروفة». ومن المفترض أن يضم الوفد في عضويته عدداً من الأمناء العامين لفصائل منظمة التحرير، وعدداً من أعضاء اللجنتين التنفيذية للمنظمة ومركزية «فتح». وقالت المصادر ان عباس طلب من الوفد اقناع «حماس» بالتوقيع على الورقة المصرية للمصالحة، مع وعد بمناقشة ملاحظات الحركة بعد التوقيع. الى ذلك (ا ف ب)، وصف الفاتيكان الاحتلال الاسرائيلي ب «الظلم السياسي المفروض على الفلسطينيين»، وذلك في الوثيقة التحضيرية لأعمال المجمع المقدس (السينودس) من اجل الشرق الاوسط، والتي نشرت وكالة انباء «انسا» الايطالية مقتطفات منها. ومن المقرر ان يسلم البابا بنديكتوس السادس عشر هذه الوثيقة الأحد الى بطاركة الشرق الاوسط الكاثوليك خلال قداس في نيقوسيا.